للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يوم الجمعة وصعد على المنبر بايعه من لم يبايعه بالأمس». (١)

فتبين أن بيعة علي كانت في يومين يوم الخميس، ويوم الجمعة، فلعل من نقل تخلف ابن عمر، وسعد، وبعض الصحابة، كان في اليوم الأول من البيعة، ثم إنهم بايعوا في اليوم الثاني، فلم يتخلف منهم أحد، وهذا الذي قرره المؤرخون الذين نقلوا خبر البيعة.

يقول ابن حبان في كتاب الثقات: إن الناس حين هرعوا إلى علي بعد مقتل عثمان لمبايعته قال: ليس ذلك إليكم، وإنما لأهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو الخليفة، فلم يبق أحد من أولئك إلا أتى إليه، فطلب أن تكون على ملإٍ من الناس، فخرج إلى المسجد فبايعوه. (٢)

ويقول ابن عبد ربه: «لما قتل عثمان أقبل الناس يهرعون إلى علي بن أبي طالب، فتراكمت عليه الجماعة في البيعة، فقال: ليس ذلكم إليكم إنما ذلك لأهل بدر ليبايعوا فقال: أين طلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص؟ فأقبلوا فبايعوا ثم بايعه المهاجرون والأنصار، وذلك يوم الجمعة لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة

سنة خمس وثلاثين هجرية». (٣)

ثم إن الروايات الصحيحة جاءت مؤكدة دخول ابن عمر في البيعة. (٤)

فقد روى الذهبي من طريق سفيان بن عيينة، عن عمر بن نافع، عن أبيه عن ابن عمر قال: (بعث إليّ علي فقال: يا أبا عبد الرحمن إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسر فقد أمرتك عليهم، فقلت: أذكرك الله وقرابتي من رسول الله وصحبتي إياه، إلا ما أعفيتني فأبى عليّ، فاستعنت عليه بحفصة فأبى، فخرجت ليلاً إلى مكة). (٥) وهذا دليل قاطع على مبايعة


(١) البداية والنهاية ٧/ ٢٣٨.
(٢) انظر الثقات لابن حبان ٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨.
(٣) العقد الفريد ٤/ ٣١٠.
(٤) قد عنيت بعض الدراسات الحديثة بجمع هذه الروايات، انظر: على سبيل المثال، كتاب تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة للدكتور محمد أمحزون ٢/ ٥٩ - ٧٥.
(٥) سير أعلام النبلاء ٣/ ٢٢٤، وقال محققو الكتاب: «رجاله ثقات».

<<  <   >  >>