للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن عمر، ودخوله في الطاعة، إذ كيف يوليه عليّ وهو لم يبايع.

وفي الاستيعاب لابن عبد البر: من طريق أبي بكر بن أبي الجهم عن ابن عمر أنه قال حين احتضر: (ما آسى على شيء إلا تركي قتال

الفئة الباغية مع علي ). (١)

وهذا مما يدل أيضاً على مبايعته لعلي، وأنه إنما ندم على عدم خروجه مع علي للقتال فإنه كان ممن اعتزل الفتنة، فلم يقاتل مع أحد، ولو كان قد ترك البيعة لكان ندمه على ذلك أكبر وأعظم ولصرح به. فإن لزوم البيعة والدخول فيما دخل الناس فيه واجب، والتخلف عنه متوعد عليه برواية ابن عمر نفسه أن النبي قال: (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية). (٢)

وهذا بخلاف الخروج للقتال مع علي، فإنه مختلف فيه بين الصحابة وقد اعتزله عامة الصحابة، فكيف يتصور أن يندم ابن عمر على ترك هذا القتال، ولا يندم على ترك البيعة لو كان تاركاً لها، مع ما فيه من الوعيد الشديد.

وبهذا كله يظهر كذب الرافضي فيما ادعاه، من ترك ابن عمر البيعة لعلي حيث ثبت أنه كان من المبايعين له بل

المقربين منه، الذين كان يحرص على توليتهم، والاستعانة بهم، لما رأى

فيه من صدق الولاء والنصح له، فرضي الله عنهما وسائر الصحابة والقرابة، وقاتل الله المفرقين بينهم الطاعنين عليهم بما ليس فيهم من المارقين والملحدين.

وأما قول الرافضي ضمن طعنه في ابن عمر: «وكان يحدث أن أفضل الناس بعد النبي أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم لا تفاضل والناس بعد ذلك سواسية»، ثم قال: «ويعني هذا أن ابن عمر جعل الإمام علياً من سوقة الناس، كأي شخص ليس له فضل».


(١) الاستيعاب لابن عبد البر المطبوع بحاشية كتاب الإصابة لابن حجر ٦/ ٣٢٦.
(٢) أخرجه مسلم: (كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين .. ) ٣/ ١٤٧٨، ح ١٨٥١.

<<  <   >  >>