للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما في خلافة أبي بكر فلم يعلم أنه استقر بينهم نزاع في مسألة واحدة من مسائل الدين، وذلك لكمال علم الصديق وعدله، ومعرفته بالأدلة التي تزيل النزاع، فلم يكن يقع بينهم نزاع إلا أظهر الصديق من الحجة التي تفصل النزاع ما يزول معها النزاع، وكان عامة الحجج الفاصلة للنزاع يأتي بها الصديق ابتداء، وقليل من ذلك يقوله عمر أو غيره فيقره أبو بكر الصديق» . (١)

فتبين من هذا أن توقف أبي بكر عند حد علمه من مناقبه العظيمة، فإن هذاطريق كل راسخ في العلم، ومنهج كل عالم كامل، فإن العالم إذا كمل فقهه وترسّخ علمه منعه من أن يقول على الله بلاعلم.

ولذا كان الرسول الذي هو أعلم الخلق بربه، يقف عند مالم ينزل عليه فيه وحي، حتى يأتيه الوحي من الله، وقد ترجم البخاري في كتاب الاعتصام (باب ما كان النبي يُسأل مما لم ينزل عليه الوحي فيقول: لا أدري، أو لم يجب حتى ينزل عليه الوحي، ولم يقل برأي ولا قياس لقوله تعالى: ﴿بما أراك الله﴾ ، وقال ابن مسعود: سئل النبي عن الروح فسكت حتى نزلت الآية) . (٢)

وأورد تحته حديث جابر أنه قال للنبي وقد عاده في مرضه كيف أصنع في مالي؟ قال: (فما أجابني بشيء حتى نزلت آية المواريث) . (٣)

وروى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله من طريق ابن وهب قال حدثني مالك قال: (كان رسول الله إمام المسلمين وسيد العالمين يسئل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي» . (٤)


(١) منهاج السنة ٥/٤٩٧-٤٩٩.
(٢) صحيح البخاري مع فتح الباري ١٣/٢٩٠.
(٣) صحيح البخاري مع فتح الباري ٣/٢٩٠.
(٤) جامع بيان العلم وفضله ص٣٥٦.

<<  <   >  >>