للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكن في الفقه والدين بمنزلة غيره، فخفي عليه حكم هذه القضية». (١)

وقال ابن حجر في شرح الحديث: «وأما خالد فحمل هذه اللفظة على ظاهرها، لأن قولهم صبأنا أي: خرجنا من دين إلى دين، ولم يكتف خالد بذلك حتى يصرحوا بالإسلام». (٢)

فهذه أقوال أهل العلم، تدل على أن خالداً إنما قتل بني جذيمة لظنه أنهم ما أرادوا الإسلام بقولهم (صبأنا) ولم يكن بفعله هذا عاصياً لرسول الله ، وإنما كان مجتهداً متأولاً، لأن اللفظ مشتبه والاحتمال

الذي ذهب إليه وارد.

وأما براءة الرسول من فعله فلخشية المؤاخذة به من الله، وهذا لا يوجب الطعن في خالد، فالبراءة من الفعل الخاطئ شيء، وتأثيم صاحبه وذمه شئ آخر، وذلك أن العبد لا يؤاخذ بشيء من الأخطاء سواء في باب الاعتقاد، أو في باب الفروع إلا بعد أن تقام عليه الحجة وتنتفي عنه الموانع التي يعذر بها عند الخطأ، على ماهو مقرر في أصول الاعتقاد عند أهل السنة.

أما قول الرافضي: فهل لنا أن نتساءل أين هي عدالة الصحابة المزعومة التي يدعونها الخ كلامه.

فيقال له: إن عدالة الصحابة ثابتة بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة، ولا يتَوَصل أحد إلى القدح فيها إلا بعد إنكار النصوص القاطعة بعدالتهم من الكتاب والسنة، المتضمنة أحسن الثناء عليهم وأبلغه من الله ورسوله، ولذا كان القدح في الصحابة علامة الزنادقة والملاحدة، وقد تقدم فيما مضى من البحث عرض النصوص وأقوال أهل العلم في القطع بعدالة الصحابة، مما يغني عن إعادتها، وإنما أكتفي هنا بما ذكره الإمامان الجليلان أبو زرعة وأحمد -رحمهما الله تعالى- في حكم من طعن في الصحابة وقدح فيهم.


(١) منهاج السنة ٤/ ٤٨٦.
(٢) فتح الباري ٨/ ٥٧.

<<  <   >  >>