للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مدحهم وهجاء الرافضة، ما يتوددون به إلى أهل السنة، ولا يظهر أحدهم دينه، كما كان المؤمنون يظهرون دينهم للمشركين وأهل الكتاب. فعلم أنهم من أبعد الناس عن العمل بهذه الآية. وأما قوله تعالى: ﴿إلا أن تتقوا منهم تقاه﴾ (١)، قال مجاهد: إلا مصانعة.

والتقاة ليست بأن أكذب وأقول بلساني ماليس في قلبي، فإن هذا نفاق، ولكن أفعل ما أقدر عليه، كما في الصحيح عن النبي أنه قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان). (٢)

فالمؤمن إذا كان بين الكفار والفجار، ولم يكن عليه أن يجاهدهم بيده مع عجزه، ولكن إن أمكنه بلسانه وإلا فبقلبه، مع أنه لايكذب ويقول بلسانه ماليس في قلبه، إما أن يظهر دينه، وإما أن يكتمه، وهو مع هذا لا يوافقهم على دينهم كله، بل غايته أن يكون كمؤمن آل فرعون وامرأة فرعون، وهو لم يكن موافقاً لهم على جميع دينهم، ولا كان يكذب، ولا يقول بلسانه ماليس في قلبه، بل كان يكتم إيمانه، وكتمان الدين شئ، وإظهار الدين الباطل شئ آخر». (٣)

فتبين أنه لا حجة للرافضة في هذه الآية، بل إن عقيدة التقيّة عندهم مناقضة لأصل الإسلام وقواعد الشريعة.

فالتقية الواردة في الآية هي: كتم مالا يستطيع أن يظهره المسلم من دينه عند الكفار، دون إظهار دينهم وموافقتهم فيه، والرافضة

يظهرون من عقائد مخالفيهم غير ما يعتقدون. فقد رووا عن أبي جعفر

أنه قال: «خالطوهم بالبرانية، وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الإمرة صبيانية». (٤)


(١) سورة آل عمران ٢٨.
(٢) رواه مسلم (كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الايمان) ١/ ٦٩ ح ٤٩.
(٣) منهاج السنة ٦/ ٤٢١ - ٤٢٤.
(٤) أصول الكافي ٢/ ٢٢٠.

<<  <   >  >>