الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فتُفتتح هذه الدورة بعون الله وتوفيقه إن شاء الله تعالى، وهي كما أُعلن عنها مختصة بالاعتقاد، وما يحتاجه طالب العلم من مسائل الاعتقاد من أنواع التوحيد ومتطلباته، وما يضاده ويناقضه، ولا يخفى على أحد أهمية هذا العلم، وأنه رغم أهميته، وأنه أصل العلوم وأساسها، وقبول الأعمال كلها متوقف على تحقيقه -على تحقيق التوحيد-.
والدرس الأول في هذه الدورة هو في شرح كتاب التوحيد للإمام المجدد، الإمام الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمة الله عليه-، وهو غني عن التعريف.
وموضوع كتاب التوحيد في الجملة: توحيد العبادة -توحيد الألوهية-؛ نظراً لمسيس الحاجة إليه، فالإمام -رحمة الله عليه- رأى أن الحاجة ماسَّة في عصره إلى تحقيق هذا التوحيد، وأن الناس من أهل زمانه أخلوا بهذا التوحيد حتى شابهوا من وجوه من بُعث فيهم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، بحيث وجد الشرك بأنواعه.
وأما بالنسبة لتوحيد الربوبية فهذا يعترف به المشركون، ولم يجحدوه، والمؤلفات فيه من قبل المسلمين كثيرة، والشيخ حينما ألف هذا الكتاب -رحمه الله تعالى- تلمَّس حاجة الناس، فلم يبسط أنواع التوحيد -أعني توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات- مثل ما بسط توحيد الألوهية؛ نظراً للحاجة الماسَّة الداعية إلى ذلك.
وكل مؤلف يريد نفع المسلمين، إنما يؤلف فيما تمسُّ حاجتهم إليه، فيما تمسُّ حاجتهم إليه، فإذا رأى أن الحاجة ماسة في وقت من الأوقات إلى نوع من أنواع العلوم تصدى للتأليف فيه وبيانه، وكشف ما يلتبس على الناس فيه.