والله إننا لنقرأ القرآن ويختلف الإنسان إذا كان بمفرده عما إذا كان بحضرة أحد، وعما إذا تعود القراءة على الوجه المأمور به بالترتيل والتدبر عما إذا كان تعود القراءة لمجرد كسب الحروف، فهو يريد التكثير من القراءة، أحياناً نفتتح سورة يونس ولا يشعر الإنسان إلا وهو بسورة يوسف، كملنا يونس وهود، وإذا انتبه الإنسان إذا هو أين؟ إذا قرأ نحو جزئين ما فقه شيئاً، بما في ذلك سورة هود على عظمها وأهميتها، وما جاء فيها من قضايا للأمم السابقة التي نستحق مثلها إذا فعلنا مثل فعلهم.
أحياناً الإنسان إذا انتهى من القراءة وأراد أن ينظر في أمره يشك هل هو مأجور على هذه القراءة أو آثم مأزور؟ وبالفعل يعني إذا تحرك شيء إما حُرِّك باب وإلا شيء وأخل بقراءته يسيراً وأراد أن يرجع لا يدري هل هو في الصفحة اليمنى أو في اليسرى؟ والله إن هذا هو الواقع، فهل هذه القراءة تكسِب ولو على الأقل أجر الحروف، أما أجر الترتيل وأجر التدبر هذا مفروغ منه، لكن أجر الحروف الذي قال فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من قرأ حرفاً من القرآن، فله عشر حسنات))، الحرف الواحد بعشر حسنات، هل يحصل هذا الأجر بمجرد تحريك اللسان من غير عقل لما يقرأ؟
العلماء في الشروح قالوا: نعم، إن الأجر رتب على مجرد القراءة، لكن لا بد أن يبين الحروف، لا يأكل شيئاً من الحروف، أو يخفي شيئاً من الحروف، لا بد أن يقرأ، فإذا قرأ سواءً تأمل وتدبر، رتل أو لم يرتل الأجر ثابت، وأجر الترتيل والتدبر قدر زائد على ذلك؛ لأنه قد يقرأ الإنسان القرآن في يوم، ويقرؤه الآخر في شهر، ويكون أفضل له، هذا ختم في الشهر ختمة واحدة، وذاك ختم ثلاثين ختمة، قد يكون اللي ختم مرة واحدة أفضل من الذي ختم ثلاثين مرة في الشهر.