" ((لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله)) ": هذه شهادة، شهادة ممن لا ينطق عن الهوى، من معصوم، لمن؟ لمن أعطي هذه الراية، وهو علي بن أبي طالب، وهي منقبة من مناقبه -رضي الله عنه وأرضاه- وشهادة له بأنه يحب الله ورسوله، ليست هذه دعوة، أو مجرد ظن، لا، هذا يقين مقطوع به بأن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ابن عم الرسول وصهره على بنته، ورابع الخلفاء بل رابع الأمة بعد نبيها، يحب الله ورسوله " ((ويحبه الله ورسوله)) ": هذا أيضاً منقبة له، وكونه ثبتت له هذه المنقبة لا شك أن فيه رد على من ينال منه، فيها رد على الخوارج الذين يكفرونه ورد على النواصب الذين يسبونه، وليس فيها ما يدل على عصمته، بل هو كغيره ليس بمعصوم، وإن كان بهذه المنزلة أو هذه المكانة -رضي الله عنه وأرضاه- فليس فيه ما يدعيه من يزعم أنه ينصره ويتشيع له من أنه معصوم، فلم يدعي ذلك لنفسه، ولم يثبت في حقه ما يدل على ذلك، إنما ثبت في حقه فضائل ومناقب لا توصله إلى حد يبالغ فيه ويغالى فيه، إلى أن يصرف له شيء من حقوق الله -جل وعلا-، فلما بالغ من يزعم أنه يتشيع له وينصره وعبدوه من دون الله، وتقربوا إليه بما لا يتقرب به إلا إلى الله، قال:
لما رأيت الأمر أمراً منكراً ... أججت ناري ودعوت قنبرا