هو يريد الأجرة، يريد الأجرة لحاجته إليها، لا يريد .. ، بعض الناس يقول: الأجرة لا تعني له شيء، شخص مغنيه الله، لا يحتاج إلى أجرة، لكن يحتاج إلى جاه ومنصب، وبعض الناس من باب المزاحمة، يقول: لو تركتها أنا والثاني والثالث صارت بأيدي الأشرار والأمور بمقاصدها، الأمور بمقاصدها، ولذا قال يوسف:{اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ} [(٥٥) سورة يوسف].
"كلهم يرجو أن يعطاها": الاستشراف للمناصب والوظائف لا شك أنه يدخل في حيز المذموم، كان سلف الأمة وأئمتها يكرهون هذه الأعمال وهذه المناصب؛ لأنه كما قيل نعمة المرضعة وبئست الفاطمة، يعني يدخل الإنسان ويستفيد من هذا العمل من المال ومن الجاه لكنه مزلَّة قدم، مزلة قدم، احتمال أن يضيع بسبب هذا، احتمال أن يكون في موقع يعرَّض للفتن، والفتن متنوعة، منها ما يتعلق بالشهوات ومنها ما يتعلق بشبهات، ومنها ما يتعلق بأموال، مثل هذا لا شك أن الفرار منه هو اللائق بطالب العلم.
كان العلماء ينفرون من الولايات، ينفرون من القضاء، ويلزمون به ويضربون عليه، والله المستعان، وصار الناس يقدمون يطلبون هذه الولايات وهذه الأعمال ظناً منهم أن الرزق لا يكون إلا بسببها، أو بواسطتها، والرزق بيد الله -جل وعلا-.
لا شك أن أوضاع الناس تغيرت، وتعلقهم بالله -جل وعلا- بعد أن تعلقوا بالمخلوقين وبوظائفهم ورواتبهم يعني لا شك أنه حصل شيء من الخلل، ولذلك من أول يوم في الدراسة وهو ينظر إلى الشهادة، وينظر إلى الوظيفة، من أوله من البدايات، وينظر إلى هذا، وهذا هدف عند أكثر المتعلمين، لكن هذا لا يوجد عند الله شيء، بل يضر بالإنسان ولا ينفعه، والله المستعان، فعلى الإنسان أن يعلق رجاءه بالله -جل وعلا-، وأن لا ينظر إلى المخلوقين إلا على اعتبار أنهم سبب، {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(٣٣) سورة النور]، الإنسان ليس بيده شيء، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((إنما أنا قاسم، والله معطي)).