قد يقول قائل: إننا فجأة نرى ابن بعض الناس العاديين، نجده ملتزماً، وطالب علم، وحريصاً على العلم، وحريصاً على العبادة، بينما نجد العكس من بعض أولاد المشايخ وطلاب العلم.
نقول: الهداية بيد الله، والقلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، والحكمة الإلهية من ذلك ظاهرة؛ لئلا يقول: اهتدى ولدي لأني ربيته على علم عندي، ينسب ذلك لنفسه، ولئلا يقال: ضل فلان لأن والده لم يفعل السبب، أو لأنه ما بذل السبب المطلوب.
وينظر بعض العامة إلى أولاد المشايخ وطلاب العلم وإلى أهليهم ثم يرمونهم بالتقصير، يقولون في بعض الكبار: إنه لو كان فيه خير لنفع أولاده، نفع نساءه وبناته لو فيه خير، إيش الفرق بين امرأة فلان العالم الفلاني وامرأة جاره؟ ما في فرق، هذا ما نفعهم، فكيف يتصدى لنفع الناس وقد ضيع من اؤتمن عليهم؟.
وما يدريهم أن هذا يحترق، يتقطع قلبه أساً وحزناً على أولاده ونسائه وبذل من الأسباب الشيء الكثير، حتى أن منهم من إذا ذكر عنده هذا الأمر يبكي، وهو من الكبار، لكن عجز، بذل السبب والنتيجة بيد الله.
وإذا نظرنا إلى ما تقدم من حديث:((النبي يأتي وليس معه أحد)) هل نقول: إن هذا قصر؟ يعني النبي يأتي معه الرجل والرجلان، أين بقية الناس؟ ما بذل السبب في هدايتهم؟ بذل السبب، لكن {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [(٤٨) سورة الشورى]، {مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} [(٩٩) سورة المائدة]، والأب ما عليه إلا التوجيه، ويفعل ما يستطيعه من بذل للمعروف ونهي عن المنكر بقدر استطاعته.