للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقول المؤلف الإمام المجدد -رحمه الله تعالى- بعد أن بين حقيقة التوحيد وفضل التوحيد وما يكفره من الذنوب، والتحذير والخوف مما يضاده على سبيل الإجمال، أخذ يبين ذلك تفصيلاً، يبين ما يتعلق بالضد على جهة التفصيل، فدلالة الأبواب اللاحقة على ضد التوحيد ظاهرة، ودلالاتها على أهمية التوحيد ووجوب تحقيق التوحيد من باب معرفة الشيء بمعرفة الضد، وبضدها تتميز الأشياء.

فإذا عرفنا الشرك عرفنا التوحيد، فإذا عرفنا الشرك عرفنا التوحيد، ولذا يخل بالتوحيد من لا يعرف الشرك.

جاء عن عمر: "إنما ينقض الإسلام من لم يعرف الجاهلية"، فالذي يعرف خطر الشرك لا شك أنه يعضّ على التوحيد بالنواجذ، والذين عايشوا البدع والمبتدعة لا شك أن خوفهم من الابتداع أكثر ممن لم يعايش؛ لأن من عاش على السلامة قلبه سالم خال من هذه الأمور، والذي يخالط ويعرف المخالفة مع الديانة؛ لأن بعض الناس يخالط ويعاشر فتؤثر فيه هذه المخالطة شعر أو لم يشعر، كما يقال: كثرة الإمساس تقلل الإحساس، لكن إذا كان يعرف خطر الشرك وخطر البدعة، ويرى الناس يقعون فيها، عرف أن الأمر قريب يمكن أن يقع فيها، يمكن أن يقع فيها، شعر أو لم يشعر، ولذلك يكون على خوف ووجل دائم من الوقوع فيما يهلكه من الشرك والبدع.

مما يخل بالتوحيد منه ما يناقض أصله، وهو الشرك الأكبر، ومنه ما يناقض كماله الواجب، كماله الواجب وهو الشرك الأصغر، وكذلك البدع.

هنا يقول الإمام المجدد -رحمه الله تعالى-:

"باب من الشرك": (من) هذه تبعيضية، "من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه": من الشرك هل نستطيع أن نقول: هذه بيانية؟

طالب:. . . . . . . . .

هي تبعيضية، لكن أليس في التبعيض نوع بيان؟ ((خاتم من حديد){فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [(٣٠) سورة الحج]، هذه بيانية، خاتم من حديد تبعيضية، أليس فيها شوب تبعيض وأن الرجس بعض الأوثان؟، وأن الخاتم مبين بكونه من حديد، فبينهما شيء من التداخل، وشيء من التباين، لكن في بعض السياق يكون التبعيض أوضح، وفي بعض السياق يكون البيان أوضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>