" {حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ": إبراهيم الذي حطم الأصنام عدو الشرك والمشركين لم يك من المشركين، ومفهومه أنه محقق للتوحيد، إذا ترادفت هذه الأوصاف: أمة، قانت لله، حنيفاً، ولم يك من المشركين، إذن هو محقق للتوحيد، ومع ذلك خاف على نفسه وبنيه من الشرك، {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} [(٣٥) سورة إبراهيم]، فليس الإنسان مادامت روحه في جسده في مأمن عن الزيغ، والافتتان، نسأل الله الثبات.
" {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} ": سيأتي في باب: الخوف من الشرك، وإذا كان إبراهيم الذي حطم الأصنام هو الذي يقول:{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ}؛ وما ذلكم إلا لعلمه التام بخطر الشرك، وتجد المسلم مع الأسف يقيم بين ظهراني المشركين، وقد يقلد المشركين، وقد يتأثر ببعض أفعالهم، ولا يخشى على أولاده من أن ينحرفوا وأن يرتدوا كما حصل لأولاد كثير ممن يعيش في بلاد الكفار، ولا شك أن هذا تفريط، وخيانة للنفس والولد، ولذا الهجرة من أوجب الواجبات، ولم تبح الحيلة إلا في سبيلها، ولم يعذر إلا الضعيف المستضعف الذي لا يستطيع، لا يستطيع ولا عن طريق الحيلة، وإلا إذا استطاع عن طريق الحيلة تعينت عليه الهجرة، فالإقامة بين ظهراني المشركين لا شك أنها خطر على النفس، بكثرة الإمساس يقل الإحساس، وكم حصل من عظائم الأمور لبعض من يتكرر منه السفر فضلاً عن الإقامة بين ظهراني المشركين، تجده يتساهل شيئاً فشيئاً حتى لا يكون الشخص الذي تعرفه من قبل، فالأسفار أضرارها عظيمة، وعواقبها وخيمة فضلاً عن الإقامة بين ظهرانيهم التي لا بد أن يتأثر بها مهما قال، لا بد أن يتأثر.
"وقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ} [(٥٧) سورة المؤمنون] إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ} [(٥٩) سورة المؤمنون] ": عندك الآية الأولى؟