لا، لا يلزمه وجوب، فعل السبب لا ينافي التوكل، وعرفنا في دروس مضت أن ترك الأسباب خلل في العقل، واعتماده على الأسباب خلل في الشرع، فلا بد من التوازن، يعني لو أن إنساناً في وقت شديد البرودة اغتسل وخرج، اغتسل بثيابه وخرج، يقول: الأسباب ما لها أثر، وأنا متوكل، نقول: مجنون هذا، فرق بين التوكل مع ترك العلاج، وبين ترك الأسباب التي في تركها هلكة، الذي هو يتسبب لنفسه بالهلاك، يعني شخص مثل ما قلنا: اغتسل في ثيابه في يوم شديد البرد وخرج ونام في السطح، ويقول هذا: أنا الأسباب لا قيمة لها، نقول: أنت تسببت في هلاك نفسك، فأنت آثم، لكن لو كان يوم شديد البرد، وعنده ما يستدفئ به وتركه، هو ما فعل بنفسه، ما فعل ما يهلك بسببه، لكنه ترك السبب، عنده ما يستدفئ به، وقال: السبب هذا لا يلزم، فرق بينه وبين من بذل السبب المهلك، وبين من ترك السبب المؤدي إلى الهلاك، فرق بين هذا وهذا، لكن كلاهما مطلوب، فعل الأسباب مأمور به شرعاً، مأمور به شرعاً.
"قال فما صنعت؟ قال: ارتقيت": كأن الظاهر أنه رقى نفسه، والرقية لها أثرها العظيم في المرقي بشروطها، وسيأتي باب خاص بالرقى، فالرقية بشروطها لا شك أنها مؤثرة، ومن أنفع أسباب العلاج وأقرب الطرق للشفاء.
"ارتقيت":
طالب:. . . . . . . . .
استرقيت: يعني طلبت من يرقيني، استرقيت: يعني طلبت من يرقيني.
وكأن الحديث ساقه سعيد بن جبير عن ابن عباس من أجل الإيراد عليه بكونه استرقى.
"قال: فما حملك على ذلك؟ ": يعني هل عندك دليل أو تعمل بغير دليل؛؟
لأن السلف معولهم على الدليل، حتى قال قائلهم: إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل.
"قال فما حملك على ذلك؟ قلت: حديث": يعني حملني حديث "حدثناه الشعبي": عامر بن شراحيل التابعي الجليل. "قال: وما حدثكم؟ قلت: حدثنا عن بريدة بن الحصيب أنه قال: لا رقية إلا من عين أو حُمة": لا رقية إلا من عين أو حمة، "لا": هذه نافية، هل مفادها النهي يعني لا ترقوا إلا من أجل العين والحمة؟ وكانت الرقية ممنوعة إلا في هذين كما قال بعضهم، أو أنه لا رقية تنفع كنفع الرقية من العين والحمة؟