للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة بعث عليٌ عمار بن ياسر وحسن بن علي فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه، وقام عمار أسفل من الحسن فاجتمعنا إليه" قال أبو مريم: "فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة، ووالله إنها لزوجة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة" هذا إنصاف مع الخصم، اعتراف بما له وما عليه، عدلٌ في الحكم، وإنصافٌ في الرأي، "ووالله إنها لزوجة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة" ما قال: هذه خارجية خرجت على ولي الأمر، لا، لا شك أن رأيها مرجوح، وإن بنت ذلك على اجتهاد، لكن الكفة مع علي -رضي الله عنه وأرضاه-، "ووالله إنها لزوجة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، ولكن الله -تبارك وتعالى- ابتلاكم" اختبركم بها، وهذا من إنصاف عمار حيث أنها وإن خرجت على الإمام لم تخرج عن دائرة الإسلام، "ولكن الله -تبارك وتعالى- ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي؟ " هل تطيعون الله -سبحانه وتعالى- بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم أو تطيعونها؟، يعني تزداد الفتنة إذا كان الطرفان متقاربان تزداد الفتنة، أما إذا كان طرف في السماء وطرف في الأرض ما هي فتنة، الأمر يعني ما يشتبه على أحد، لكن إذا صار في الأطراف مثل هؤلاء فتنة، ولكن الله -تبارك وتعالى- ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم أم هي؟ هي خرجت بتأويل سائغ، خرجت بتأويل ما خرجت عناد، وطلحة والزبير بايعا وخرجا بهذا التأويل، لا شك أنه يحز في نفس كل مسلم أن يقتل مثل عثمان على وضع عثمان، وهو إمامُ المسلمين ولا أحد ينتصر له، ولا يستطيع المهاجرون والأنصار أن يخلصوه، هذه فتنة، ويحز في كل نفس تجعل تغطي هذه الفتنة ما عند الإنسان من علم وعقل وحلم، لكن يبقى أن الحكم الشرعي ثابت لا تغيره مثل هذه الأمور وإن عظمت، تلزم جماعة المسلمين وإمامهم هذا الحال، إلى أي حد نلزم جماعة المسلمين إلى أن ترى الكفر البواح، المسألة ما هي بفوضى، المسألة مضبوطة بضوابط شرعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>