"فقال: إني سمعت النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول:((ينصب لكل غادرٍ لواء -يشتهر به- يوم القيامة)) وإن قد بايعنا هذا الرجل -يزيد بن معاوية- على بيع الله ورسوله"، يعني على شرط ما أمر به من بيعة الإمام، "وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله، ثم ينصب له القتال"، وفي المسند:"وإن من أعظم الغدر بعد الإشراك بالله -عز وجل- أن يبايع الرجل رجلاً على بيع الله ثم ينكث بيعه"، هذا من أعظم الغدر، نسأل الله العافية، "وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه"، يعني من ولده وحشمه الذين سبقت الإشارة إليهم، "وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه" يعني يزيد "ولا بايع أحداً في هذا الأمر إلا كانت الفيصل"، يعني مقاطعة بيني وبينه، ففيه وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة، على ما عنده من فسوق، وعلى ما عنده من فجور، وعلى ما عنده من ظلم، ما لم يرَ الكفر البواح، هذا الحد الفاصل، ومع رؤية الكفر البواح لا بد من القدرة على التغيير، وإلا إذا لم توجد القدرة عرضت دماء المسلمين للإهدار، وصاروا طعاماً للسيوف من دون فائدة، فإذا وجد الكفر البواح ووجدت القدرة على التغيير حينئذٍ غير، أما إذا لم يرَ الكفر البواح مهما بلغ من الفجور من الفسوق من الظلم، لا يجوز نزع الطاعة من يده، لا تجوز مخالفته إذا لم يرَ الكفر البواح، إذا رئي الكفر البواح ينظر أيضاً، يجوز الخروج عليه لكن مع القدرة.
ففي ذلك وجوب طاعة الإمام الذي انعقدت له البيعة والمنع من الخروج عليه ولو جار، وأنه لا يخلع بالفسق، ولننظر نتيجة ما ذكر من نقض بيعة يزيد، ما الذي حصل؟ يعني يزيد عنده فجور، عنده فسوق، ومولى على خيار الناس، على الصحابة والمهاجرين، من الصحابة من المهاجرين والأنصار يعني من بقي منهم، ما الذي حصل نتيجة هذا الخلع؟ ما ذكر من نقض البيعة من استباحة المدينة، استبيحت المدينة، وقتل من أخلاط الناس أكثر من عشرة آلاف، منهم جمعٌ من حملة القرآن، وجالت الخيل في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وذكر أن المدينة خلت من أهلها، وبقيت ثمارها للعوافي من الطير والسباع، وكان ذلك سنة (٦٣هـ)، هذه نتيجة الخروج على الأئمة.