للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه فوائد مثل هذه الأمور، هذه النذر التي يخوف الله بها عباده، لو عقلها الناس، لكن النذر لا تغني عن قومٍ لا يؤمنون، حتى أن أهل النار لو ردوا لعادوا، ومسخ القلوب لا حيلة معه، لا حيلة مع مسخ القلوب، تحصل الكوارث والزلازل والبراكين والفيضانات والحروب، ويعود الناس أسوأ مما كانوا -نسأل الله العافية-، {وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} [(١٠١) سورة يونس]، وجاء في بعض الآثار أن الرجلين يمضيان لمعصية في آخر الزمان فيمسخ أحدهما خنزير، فماذا يصنع الثاني؟ هل يقول: الحمد لله على السلامة ويرجع؟ لا، يستمر إلى معصيته، ومسخ القلوب أعظم من مسخ الأبدان؛ لأن مسخ الأبدان عقوبة دنيا، ومسخ القلوب عقوبته آجلة في الآخرة، هؤلاء استفادوا، أقلعوا عن المعاصي، تقربوا إلى الله تعالى بالطاعات، والأمير أيضاً خرج عن المظالم. نأخذ شيء من القصيدة التي بعد ورقة.

قال -رحمه الله-: وقد قال فيها بعضهم أبياتاً:

يا كاشف الضر صفحاً عن جرائمنا ... لقد أحاطت بنا يا رب بأساء

نشكو إليك خطوباً لا نطيق لها ... حملاً ونحن بها حقاً أحقاء

زلازل تخشع الصم الصلاب لها ... وكيف يقوى على الزلزال شماء؟!

أقام سبعاً يرج في الأرض فانصدعت ... عن منظرٍ منه عين الشمس عشواء

بحرٌ من النار تجري فوقه سفنٌ ... من الهضاب لها في الأرض أرساءُ

كأنما فوقه الأجبال طافيةٌ ... موج عليه لفرط اليهج وعثاء

ترمي لها شرراً كالقصر طائشة ... كأنها ديمة تنصب هطلاء

تنشق منها قلوب الصخر إن زفرت ... رعباً وترعد مثل السعف أضواء

منها تكاثف في الجو الدخان إلى ... أن عادت الشمس منه وهي دهماء

قد أثرت سفعة في البدر لفحتها ... فليلة التم بعد النور ليلاء

تحدث النيرات السبع ألسنها ... بما يلاقي بها تحت الثرى الماء

وقد أحاط لظاها بالبروج إلى ... أن كاد يلحقها بالأرض إهواء

فيا لها آية من معجزات رسول ... الله يعقلها القوم الألباء

فباسمك الأعظم المكنون إن عظمت ... منا الذنوب وساء القلب أسواء

فاسمح وهب وتفضل وامح واعف وجد ... واصفح فكل لفرط الجهل خطاء

فقوم يونس لما آمنوا كشف العذاب ... عنهم وعم القوم نعماء

ونحن أمة هذا المصطفى ولنا ... منه إلى عفوك المرجو دعاء

<<  <  ج: ص:  >  >>