ثم قال -رحمه الله-: "بابٌ" يعني بغير ترجمة، "حدثنا مسدد قال: حدثنا" مسدد سبق ذكر نسبه مراراً، ابن مسرهد، قال:"حدثنا يحيى" ابن سعيد القطان "عن شعبة" قال: "حدثنا معبد" يعني ابن خالد القاص، قال:"سمعت حارثة بن وهب" الخزاعي "قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((تصدقوا فسيأتي على الناس زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها)) ما دامت الأبواب مفتوحة اعملوا قبل ألا ينفع العمل، قبل ألا يتيسر العمل، وجود المال في وقت من الأوقات ينبغي أن يستغل، وينبغي أن يجعل الإنسان نصب عينيه أنه سيفقده في يومٍ من الأيام فيقدم منه ما ينفعه غداً، ويحتمل أن يكون الأمر كما ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر الزمان يبحث عمن يأخذ المال ولا يجد، لا يجد من يأخذ، "يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها"، جاء في بعض الروايات:((فلا يجد أحداً يقبلها)) وهذا في الوقت الذي ينشغل الناس فيه بأنفسهم بسبب الفتن، ينشغلون بالفتن عن المال، وهذا في زمن الدجال، أو يكون ذلك لفرط الأمن والعدل البالغ، بحيث يستغني كل أحد بما عنده عما عند غيره، وهذا يكون في زمان المهدي وعيسى، وقد حصل شيء من هذا في زمن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، جيء إلى عمر بن عبد العزيز بالأموال ليفرقها فردت إلى صاحبها، ما وجد من يقبلها، عمَّ الرخاء في زمنه بسبب العدل، بسبب العدل عم الرخاء، وعم الصلاح والتدين، والناس على دين ملوكهم، لكونه رجلاً صالحاً عم الصلاح والتدين في الناس، واقتدوا به، فلا يأخذ الزكاة إلا المستحق، وندر المستحق لشمول العدل، والله المستعان.
"قال مسدد: حارثة أخو عبيد الله بن عمر لأمه"، أمهما أم كلثوم بنت جرول الخزاعية، حارثة بن وهب الخزاعي أخوٌ لعبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه، تزوجها عمر ثم أسلم ففرق بينهم الإسلام، فتزوجها وهب الخزاعي فأتت بحارثة، ثم في بعض النسخ: "قاله أبو عبد الله" يعني البخاري، يعني نقلاً عن شيخه مسدد.