((سباب المسلم فسوق)) الفسوق والفسق الخروج، وهو في الاصطلاح: الخروج عن طاعة الله وطاعة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، والفسوق أشدُّ من مجرد العصيان؛ لأنه وقع معطوفاً على الكفر، ثم عطف عليه العصيان على سبيل التدلي من الأعلى إلى الأدنى، {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [(٧) سورة الحجرات].
((سباب المسلم فسوق)) أي شتمه بما فيه مواجهةً أو في غيبته، وما ليس فيه من باب أولى فسوق، الفاسق له حكمه في الشرع مستحقٌ للتعزير، إذا لم يكن فيما ارتكبه حد فهو مستحقٌ للتعزير، لو سبه بما يوجب الحد أقيم على الحد، لكن إذا سبه بما لا يوجب حداً فإنه يجب تعزيره، وأخذ حق أخيه منه، إلا إذا عفا أخوه.
((وقتاله كفر)) قتاله: قتله ومقاتلته كفر، ويقال فيه مثل ما قيل سابقاً من أنه كفر مخرج عن الملة إن استحل ذلك، أو هو كفرٌ دون كفر إن لم يستحل ذلك، لما عرف عند أهل السنة قاطبة أن القتل كبيرة من كبائر الذنوب لكنه لا يخرج من الملة كغيره من الموبقات التي هي دون الشرك، نعم إن استحل خرج من الملة، فالذي يستحل حراماً مجمعاً عليه معلوم تحريمه بالدين، بالضرورة من دين الإسلام هذا يكفر، وعكسه إذا حرم أمراً مباحاً حلالاً عرف حله بالضرورة من دين الإسلام فإنه يكفر.
فالقتال أشد من السباب، القتال أشد من السباب؛ لأن حكم السباب الفسوق، وحكم القتال كفر، والكفر وإن كان دون الكفر الأعظم إلا أنه أعظم من مجرد الفسوق، وجاء في الصحيحين وغيرهما:((لعن المؤمن كقتله)) في حديث الباب فرق النبي -عليه الصلاة والسلام- بين مجرد السباب، وبين القتل في الحكم، فجعل السباب أنزل من القتل والقتال، وفي الحديث الآخر قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لعن المؤمن كقتله)) هنا مشبه وهو اللعن، ومشبه به وهو القتل، ووجه الشبه الجامع بينهما التحريم، كلٌ منهما محرم، ((لعن المؤمن كقتله)) في التحريم، ولا يلزم أن يكون المشبه كالمشبه به من كل وجه، بل قد يكون التشبيه من وجهٍ دون وجه، فالسب والشتم كالقتل في الاشتراك بالتحريم، وترتيب العقوبة.