تقدم تعريف الفتن، وأنه الابتلاء والاختبار والامتحان، وأنه يكون بالخير وبالشر، ومن الفتن الفتن الكبرى المضلة التي يستعاذ منها، ومنها: الفتن التي لا ينفك عنها أحد التي تصرف الإنسان عن مقصده، فهو مأمورٌ بمجاهدتها {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [(١٥) سورة التغابن] يعني يشغلونكم عما يرضي الله -عز وجل-، والإنبجانية والكساء المخطط كادت أن تفتن النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، يعني تشغله عنها، فكل ما يشغل عما يرضي الله -عز وجل- فتنة، لكنها متفاوتة، والحياة صراع وجهاد، إزاء هذه الفتن على المسلم أن يقاوم بقدر الإمكان، هناك فتن ظاهرة، وهناك فتن باطنة، وهناك فتن كبرى مضلة، وهناك فتن يسيرة لا ينفك منها أحد، وكل هذا ليظهر مدى امتثال المكلف ومدى ارتباطه وتعلقه بربه -عز وجل-، وهذا الصراع رتب عليه الثواب العظيم، من استسلم ولم يقاوم وضل وفتن هذا مآله معروف، لكن من قاوم تعرض للفتن وقاوم واستفاد منها فيما يرضي الله -عز وجل-، وخرج منها ظافراً متغلباً على هوى نفسه والشيطان، متغلباً على عدوه من شياطين الإنس والجن إن هذا لا شك أنه ممن أراد الله به خيراً ولو تعرض للفتن، وهذه الفتن إذا وقعت تقاوم، ولا ينبغي للإنسان أن يتمنى وقوع هذه الفتن ليقاوم لا، يعني من باب تمني لقاء العدو، وما يدريك لعلك تخفق، لعلك تفتن، ولا تستطيع أن تقاوم هذه الفتن، لكن إذا حصلت فعليك بالمجاهدة والمصابرة حتى تخرج منها ظافراً بما يرضي الله -عز وجل-.
كتاب الفتن:
بسم الله الرحمن الرحيم
بالتقديم والتأخير بعض الروايات كما في رواية أبي ذر:"كتاب الفتن، بسم الله الرحمن الرحيم"، وفي رواية ابن عساكر:"بسم الله الرحمن الرحيم: كتاب الفتن"، وهذا يوجد في كثير من الكتب التقديم والتأخير هذا، ولكلٍ وجهه، إذا قدمت البسملة -كما هو الأصل- تكون شاملة للكتاب للترجمة ولما تحته، فهي مقدمة عليه، مبدوءٌ بها، وإذا قدمت الترجمة على البسملة صارت الترجمة بمثابة تسمية السورة، والبسملة بعدها، ولذا يوجد التقديم والتأخير في كثيرٍ من الأبواب.