"وعن رجلٍ آخر هو أفضل في نفسي من عبد الرحمن أبي بكرة عن أبي بكرة" الصحابي الجليل نفيع بن الحارث، "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس -يوم النحر بمنى- فقال:((ألا تدرون أي يوم هذا؟ )) " هذا للفت النظر من أجل الانتباه لما يلقى، ((ألا تدرون أي يوم هذا؟ )) قالوا: الله ورسوله أعلم"، لما سأل دهشوا هم يعرفون أن اليوم يوم النحر، لكنهم دهشوا لما سئل عن شيء معلوم بالبداهة، نعم لو سئلت عن شيء لا يخفى عليك حتى عند السائل يعرف أنه لا يخفى عليك ما تدري وإيش ... ؟ ماذا تجيب؟ لأن هذا معلومٌ عند الطرفين السائل والمسئول، إذاً لا بد أن يكون السائل أراد شيئاً آخر غير المسئول عنه، أو أن المسئول ما فهم السؤال على وجهه وحقيقته من الدهشة، "قالوا: الله ورسوله أعلم"، الصحابة -رضوان الله عليهم- سئلوا عن يوم النحر، فقالوا: الله ورسوله أعلم، وصغار طلاب العلم يسألون عن عضل المسائل فيجيبون بغير تردد الآن، والصحابة يتدافعون الفتيا، ولم يجيبوا عن اليوم الذي هم فيه، ولا يعني هذا أن الإنسان إذا عرف شيئاً من العلم واحتاج الناس إليه أنه يكتم ما عنده من العلم, لا، لكن المسألة التوسط في الأمر، من عنده شيء لا يجوز له أن يكتمه إذا تعين عليه، والذي ليس عنده من العلم ما يكفيه للإجابة على مسألة بعينها أو مسائل يقول: الله أعلم، ولا يضيره ولا ينقص من قدره، بل هذا فيه الرفعة في الدنيا والآخرة ولم يضر الإمام مالك -رحمه الله- لما سئل عن أربعين مسألة فأجاب عن أكثر من ثلاثين، اثنتين وثلاثين أو ست وثلاثين بـ (لا أدري)، وهذا متوارث عند أئمة الهدى في المتقدمين والمتأخرين، والله المستعان، إلى أن وصل الحد بنا إلى أن صغار المتعلمين أو بعض من لا يمت إلى العلم الشرعي بصلة أن يتصدى ويتصدر لإفتاء الناس وتوجيههم، والله المستعان.