للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أراد الكمال فليبق حتى يصلي بها الفجر، ثم ادفعوا إلى منى وارموا جمرة العقبة، وانحروا هديكم إن كنتم قارنين أو متمتعين، أما المفرد فلا هدي عليه، احلقوا رؤوسكم ثم طوفوا طواف الحج، ومن قدم شيئا من الأنساك أو أخر فلا حرج عليه؛ فإنه -صلى الله عليه وسلم- «ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: " افعل ولا حرج (١) » بيتوا بمنى ليالي التشريق، وارموا الجمار يوم الحادي عشر مرتبة: الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة، واليوم الثاني عشر كذلك، فإن كنتم متعجلين فانصرفوا من منى قبل غروب شمس ذلك اليوم، وإن تأخرتم فارموا الجمار يوم الثالث عشر.

“ فضل يوم عرفة، وما فيه من تذكير واعتبار وتذكر الآخرة والعرض والحساب “

حجاج بيت الله الحرام، يوم عرفة يوم من أفضل أيام الله وخير أيام الله، يوم يكفر الله فيه الذنوب ويضاعف فيه الأجور، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله -عز وجل- فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو -عز وجل- ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ (٢) » «إن الله -عز وجل- يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبرا (٣) »

حجاج بيت الله الحرام، اجعلوا من موقفكم بعرفة عظة وتذكرا للموقف الأكبر بين يدي الله، يوم تقفون بين يدي ربكم حافية أقدامكم، عارية أبدانكم، شاخصة أبصاركم، تذكروا يوم تدنو الشمس من العباد، حتى تكون منهم على قدر ميل أو ميلين، ويزاد في حرها، ويأخذ الناس العرق على قدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما، يقول -صلى الله عليه وسلم-: «تحشرون حفاة عراة غرلا "، قالت عائشة: فقلت: يا

(٤)


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: العلم، باب: الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها، (فتح الباري ١ \ ١٢٤، ح ٣٨) ، ومسلم في صحيحه ٢ \٩٤٨، كتاب الحج، باب: من حلق قبل النحر، أو نحر قبل الرمي ح (١٣٠٦)
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه، وسبق تخريجه في خطبة عام (١٤٠٤ هـ) الهامش (١٠)
(٣) أخرجه أحمد في مسنده ٢ \٢٢٤، والحاكم في مستدركه ١ \٦٣٦، أول كتاب المناسك ح (١٧٠٨) ، وابن حبان في صحيحه ٩ \١٦٣، باب ذكر مباهاة الله -جل وعلا- ملائكته بالحاج عند وقوفهم بعرفات ح (٣٨٥٢) ، وابن خزيمة في صحيحه ٤ \٢٦٣، كتاب الحج، باب تباهي الله أهل السماء بأهل عرفات ح (٢٨٣٩) ، والبيهقي في السنن الكبرى ٥ \٥٨، كتاب الحج، باب: الحج أشعث أغبر فلا يدهن رأسه ولحيته بعد الإحرام ح (٨٨٩١) واللفظ لأحمد
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب: الرقائق، باب: كيف الحشر، (فتح الباري ١١ \ ٤٥٩، ح ٦٥٢٧) ، ومسلم في صحيحه، كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب: فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة ح (٢٨٥٩) واللفظ المذكور للبخاري

<<  <   >  >>