“ ذكر أوامر الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونواهيه في خطبة حجة الوداع “
ففي هذه الخطبة العظيمة بين -صلى الله عليه وسلم- حرمة دماء المسلمين وأموالهم، وأن الأصل في دمائهم الحرمة إلا بسبب شرعي، كذلك أموالهم، وبين أن مآثر الجاهلية وفخرها وعصبيتها قد ألغاها بالإسلام، والإسلام جب ما كان قبله وهدم ما كان قبله، وألغى الربا وبين أنه موضوع، فإن الربا محاربة لله ولرسوله، وهو من أعظم الظلم، فإن الربا ظلم للعباد وأكل للمال بغير الحق، وكانت الجاهلية يتعاملون بالربا، ويعدونه وسيلة لثروتهم ونمو أموالهم، فجاء الله بالإسلام وحرم الربا؛ لما يشتمل عليه من المفاسد والأضرار، فمن لم يعتقد تحريمه بعدما بلغه نصوص القرآن، فإنه ضال مضل والعياذ بالله، وأخبرهم أن للنساء حقوقا وعليهن واجبات، ليبين أن الإسلام راعى المرأة وأنزلها المنزلة اللائقة بها، وذلك ضد ما يتصوره أعداء الإسلام الزاعمين أن الإسلام أهدر حقوق المرأة وأهانها، ولعمر الله إن الإسلام أنزلها المنزلة اللائقة بها، ثم أخبرهم، أنه ترك فيهم كتاب الله، فما داموا معتصمون به فلن يضلوا، بل سيكونون سعداء ما داموا متمسكين بكتاب الله وعاملين به، واستشهدهم على أنه بلغهم رسالة الله، فقالوا بأجمعهم: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت، وكل مسلم يشهد لك بذلك، نشهد له بالله أنه بلغ وأدى ونصح وتركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يضل عنها بعده إلا هالك.
وبعد هذه الخطبة أمر المؤذن فأذن فصلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين جمعا وقصرا جمع تقديم – وهذا ما سنفعله إن شاء الله بعد قليل -، فإن جمع