للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مواضعه، وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم، فحبنا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يقتضي أن نصرف له شيئا من أنواع العبادة، فالعبادة بكل أنواعها حق لله -عز وجل-، وقد أمره الله أن يقول: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا} (١) {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} (٢) {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} (٣) ، فهو إنما بعث ليدعو العباد إلى عبادة الله، ما بعث ليعظم من دون الله، ولا ليستغاث به من دون الله، ولا ليستنصر به من دون الله {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} (٤) {وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (٥) ، وهو -صلى الله عليه وسلم- من أعظم الناس بعدا عن الشرك، حذرنا أن نغلو فيه فقال: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين (٦) » وقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله (٧) »

[حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته قبل أن يموت عن الغلو فيه]

ولما علم -صلى الله عليه وسلم- أن سبب ضلال الضالين قبلهم من الأمم غلوهم في أنبيائهم حذر أمته من ذلك، فقال -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يموت بثلاث: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك (٨) » بل في سياق الموت وهو يعاني سكرات الموت وأهواله وكربه لم يمنعه من ذلك من أن ينصح أمته


(١) سورة الجن الآية ٢١
(٢) سورة الجن الآية ٢٢
(٣) سورة الجن الآية ٢٠
(٤) سورة آل عمران الآية ٧٩
(٥) سورة آل عمران الآية ٨٠
(٦) أخرجه النسائي في سننه ٥ \ ٢٦٨، كتاب: مناسك الحج، باب: التقاط الحصى ح (٣٠٥٧) واللفظ له، وابن ماجة في سننه ١ \١٠٠٨، كتاب الحج، باب: قدر حصى الرمي، ح (٣٠٢٩) ، وأحمد في مسنده ١ \٢١٥، واللفظ للنسائي
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه، وسبق تخريجه في خطبة عام (١٤٠٢ هـ) ، الهامش (٥)
(٨) أخرجه مسلم في صحيحه ١ \٣٧٧، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها والنهي عن اتخاذ القبور مساجد، ح (٥٣٢)

<<  <   >  >>