للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يجوز حذف حرف الجر لدلالة المعنى على العوض والمعوّض منه، قال تعالى: {فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} i أي بسيئاتهم حسنات. وقال تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} ii وقال تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} iii أي بغير الأرض.

وقد يقع موقع الباء التي تدخل على المعوّض منه "بعد" وهي دالّة على سبق المعوّض منه وذهابه بالعوض، قال الشاعر:

وبُدِّلْتُ قَرْحاً دامياً بَعْدَ

صِحَّةٍ لَعلَّ منايانا تَحوَّلْنَ أبْؤُسا iv

معناه: وبدّلت قرحاً دامياً بعد صحة أي عُوّضت بدل الصحة قرحاً.

وأصل أبدل وبدّل أن يتعدّى لاثنين منصوبين ولثالث بالباء، ألا ترى كيف صرّح بذلك في قوله:

أَبدلكِ الله بلَونٍ لَوْنينْ

وفي قوله: {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} v

وقد جرت عادة النحويين أن يقولوا: "أبدلت كذا بكذا" ولا يذكرون المفعول الأوّل، وأيضا فليس المعنى عليه، لأنك إذا قلت: أبدلت هذا الحرف بهذا الحرف، لا يريدون أبدلتك هذا الحرف بهذا الحرف، على أنه لا يبعد أن يكون أصله هكذا، ثم حذف المفعول الأوّل، وكثر حذفه في اصطلاحهم حتى صار نسياً لا يراد معناه بوجه. انتهى.


i سورة الفرقان: آية ٧٠
ii سورة البقرة: آية ٥٩
iii سورة إبراهيم: آية ٤٨
iv البيت لامرىء القيس في ديوانه ص-١٠٧ بتحقيق أبي الفضل إبراهيم، من قصيدة مطلعها:
ألمّا على الربع القديم بعسعسا
كأني أنادي أو أكلّم أخرسا
iv سورة سبأ: آية ١٦.