للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رسالة الإمام ابن لب الغرناطي في مسألة تعيين محل دخول الباء]

...

[رسالة i الإمام ابن لبّ الغرناطي في مسألة تعيين محل دخول الباء]

وقد ألف في هذه المسألة الإمام أبو سعيد فرج بن قاسم بن لُبَ الغرناطي ii رسالة حسنة، ولا بأس بإيرادها هنا لتستفاد، قال:

الحمد لله الذي جعل العلوم الشرعية مناهل صافيةً تورد، ومصابيح نيِّرةً توقد، وقيّض لها حملة مجالسها عليهم تُعقد، وأحاديثها لديهم تنشد، وزيفها لديهم ينقد، وضالتها عليهم تنشد، والصلاة والسلام على نبيِّه ورسوله أفضل صلاة تامة، وأزكى سلام سرمديّ مؤبَّد.

وبعد فإني سئلت عن مسألة تعيين محل دخول الباء من مفعولي بدَّل وأبدل iii وما يراجع إليهما في المادّة. وكان الذي حمل السائل على السؤال عن ذلك أنه سمع بعض علماء اللسان ينكر مثل قول القائل: فعمّا قليل يبدّل العُسْرُ باليُسْر، يزعم أنه لحن، خارج عن كلام العرب، وأن صواب الكلام يبدّل اليُسر بِالعسر، أَي يجعل اليُسر بديل العُسْرِ وعِوَضه. قال: فإنما تدخل الباء بعد هذا الفعل أبدا على المتروك، ويجرّد الحاصل منها، فهو الذي يقام مقام الفاعل على اللزوم. فصوّبت للسائل ذلك المقال، وأنكرت ذلك الإنكار. فسألني تقييد المسألة ببسط وبيان، فقلت في الجواب، والله سبحانه المستعان:


i قام بتحقيق هذه الرسالة الأخ الدكتور عياد الثبيتي، ونشرها في مجلة معهد المخطوطات العربية بالكويت- المجلد التاسع والعشرون/ الجزء الأول ص – ١٦٣، لعام ٤٠٥اهـ/ ١٩٨٥، معتمداً على كتاب عقود الزبرجد للسيِوطي.
ii هو أبو سعيد فرج بن قاسم بن أحمد بن لبّ الغرناطي المالكي، من أكابر علماء المالكية، وقلَ من لم يأخذ عنه في الأندلس في وقته ومن مصنفاته: شرح جمل الزجاجي، شرح تصريف التسهيل، الباء الموحدهَ، القصيدة النونية، الفتاوى. توفي سنة ٧٨٢ هـ. انظر: الإحاطة في أخبار غرناطة ٤/ ٢٣٣، الكتيبة الكامنه ٦٧، نفح الطيب ٥/ ٥١٢، بغية الوعاة ٢/٢٤٣، الديباج المذهب ٢/ ١٣٩.
iii كان المرحوم عباس حسن، عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة قد قدم إلى لجنة الأصول، مذكرة عرض فيها لطائفة من أقوال اللغويين، التي تفيد عدم لزوم دخول الباء على المتروك، كما تقتضي القاعدة المشهورة، فكان قرار اللجنة ما يلي (ينص كثير من اللغويين على أن "باء البدل" لا تدخل إلا على المتروك... وهناك من ثقاتهم من يقول إنها كذلك تدخل على المأخوذ، كما جاء في المصباح المنير ومختار الصحاح وتاج العروس. وترى اللجنة أن "باء البدل " يجوز دخولها على المتروك أو على المأخوذ، والمدار في تعيين ذلك السياق) .
وعرض قرار اللجنة على مجلس المجمع بالجلسة الثانية والعشرين من الدورة الثامنة والثلاثين فلم ير المجلس داعياً لوضعه. انظر: كتاب الألفاظ والأساليب ص ٣٦-٣٧ الصادر عن مجمع اللغة العربية في القاهرة سنة ١٩٧٧ م.
وقد أشار المرحوم عباس حسن إلى هذه المسألة أيضاً في باب حروف الجر من كتاب النحو الوافي ج ٢ ص ٤٩١ الحاشية.