للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتدخل الباء على العوض الحاصل، أي جعلتك تتعّوض كما سيأتي في مثل: تَعَوَّضَ بالحِجارة مِنْ حُجورِ i.

وقد تقدم الكلام في بيت المعري:

حتى تبَّدل مِنْ بُؤسٍ بِنَعْماءِ

الوجه الرابع:

أن يقصد معنى التعوض أو الاستعاضة، فيكون المعنى أخذت كذا عن كذا أو استخذته، فيتعدى الفعل في هذا الوجه إلى شيئين ينصب أحدهما وهو الحاصل المأخوذ، ويجرّ المتروك بالباء وهو المأخوذ عنه. كقوله تعالى: {ومَنْ يتَبدَّل الكُفْرَ بالإِيمان} ii أي يتعوض، وكقوله: {ولا أنْ تبدَّلَ بهنَّ مِنْ أزواج} iii و"من" زائدة دخلت على المنصوب. وكقوله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} iv أي تستعيضون.

وقد يغني عن الباء ما يؤدي معناها، كقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} v وقد تحذف مع مجرورها، كقوله تعالى: {وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} vi أي بكم. وربما جرّ الحاصل بالباء والمتروك بمن عند قصد التعوّض، ومنه قول المعري:

إذا الفتى ذَمَّ عَيْشاً في شَبيبتِه

فما يقولُ إذا عَصْرُ الشَّباب مضى

وقد تعوَّضْتُ مِنْ كُلً بمشبهه

فما وجدت لأيّامِ الصبا عوضا vii

ومنه قول القائل يرثي ابناً صغيراً.

تعوّضَ بالحجارَةِ مِنْ حُجُور

وبانَ عن الُّترْيبِ إلى الُّترابِ viii


i صدر بيت لم أهتد إلى قائله، وسيأتي ذكر البيت قريباً.
ii سورة البقرة: آية ١٠٨.
iii سورة الأحزاب: آية ٥٢.
iv سورة البقرة: آية ٦١.
v سورة النساء: آية ٢٠.
vi سورة محمد: آية ٣٨.
vii البيتان لأبي العلاء المعري من البحر البسيط في ديوانه سقط الزند ٢/٦٥٥، من قصيدة مطلعها:
منكِ الصدود ُومني بالصدود رضا
مَن ذاَ علي بهذا في هوا كِ قَضَى
انظر: القصيدة في شروح سقط الزند ٢/ ٦٥٤
viii من البحر الوافر، لم أهتد إلى قائله، وفي النسخ المخطوطة "وبات" ولكن المعنى يقتضي ما أثبته "وبانَ".