للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده" ١.

وإنما الوجه في هذا الاستعمال أن يكون على قصد: لا شيء يصدق عليه هذا الاسم كصدقه على المشهور به، فضمّن العلم هذا المعنى، وجُرِّد لفظُه مما ينافي ذلك.

انتهى كلام ابن مالك في شرح الكافية.

وقال في شرح التسهيل٢: قد يؤوّل العلم بنكرة، فيركبّ مع "لا" إن كان مفرداً، وينصب بها إن لم يكن مفرداً، فالأوّل كقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده" وكقول الشاعر:

أرى الحاجات عند أبي خُبيبٍ

نكدْن ولا أميَّة بالبلاد٣

وكقول الراجز:

إنَّ لنا العُزَّى ولا عُزَّى لكم ٤

والثاني نحو: "قضيةٌ ولا أبا حسنٍ لها". لما أوقعوا العلم موقع نكرة جرّدوه من الألف واللام إذ كانتا فيه، كقوله: ولا عُزَّى لَكم. أو فيما أضيف إليه كقولهم: ولا أبا حسن. فلو كان العلم "عبد الله" لم يعامل بهذه المعاملة للزوم الألف واللام، وكذا عبد الرحمن على الأصحّ لأن الألف واللام لا ينزعان منه إلا في النداء.

وقدّر قوم العلم المعامل بهذه المعاملة مضافاً إليه ["مثل" ثم] ٥ حذف مضافه وأقيم العلم مقامه في الإعراب والتنكير، كما فُعل بأيدي سبا في قولهم: "تفرّقوا أيدي سبا"٦ يريدون مثل أيدي سبا، فحذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه في النصب على الحال. وقدّره آخرون بلا مسمَّى بهذا الاسم، أو بلا واحد من مسمّيات هذا الاسم. ولا يصحّ واحد من التقديرات الثلاثة على الإطلاق.

أما الأول فممنوع من ثلاثة أوجه: أحدهما: ذكَر "مثْل" بعده كقول الشاعر:


١روى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " انظر فتح الباري ٦/٢١٩.
٢ شرح التسهيل لابن مالك مصور في الجامعة الإسلامية عن مخطوطة دار الكتب ورقة ٧٥-٧٦.
٣ ما بين المعقوفتين من شرح التسهيل لابن مالك وقد مرّ ذكر البيت قريباً.
٤ قاله أبو سفيان به حرب بعد انتهاء غزوة أحد، وهو يومئذ مع المشركين. انظر: فتح الباري ٧/ ٣٤٩ كتاب المغازي، ولم يذكر إنَّ في أوله. وذكره أبن مالك في شرح التسهيل ١/١٩٥ من المطبوع هكذا: إنّ لنا عُزّى ولا عزّى لكم.
٥ ما بين المعقوفين من شرح التسهيل- المخطوط.
٦ في القاموس (مادة سبأ) : تفرقوا أيدي سبا وأيادي سبا تبدّدوا. ضرب المثل بهم لأنه لما غرق مكانهم وذهبت جناتهم تبددوا في البلاد.