للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وإنما يقول القائل: "ها أنا ذا" إذا طُلب رجلٌ لم يُدْر أحاضر هو أم غائب، فيقول المطلوب: ها أنا ذا، أي الحاضر عندك".

قال ابن الأنباري١: "إنما يجعلون المكنىّ بين "ها" و"ذا " إذا أرادوا القريب في الأخبار، فمعنى ها أنا ذا ألقى فلاناً: قد قرب لقائي إياه. قال: وقول العامة "هو ذا لقي فلاناً" خطأ عند جميعِ العلماء، لأن العرب إذا أرادت هذا المعنى قالوا: ها هو ذا يلقى فلاناً، وها أنا ذا ألقى فلاناً. وأنشد قول أمية:

لبيكُما لبيكُما

ها أنا ذا لديكمُا ٢

وقال في موضع آخر: قولك "ها أنا ذا" إنما يقع جواباً لمن طلب إنساناً شك في أنه حاضر أم غائب، فتقول مجيباً له: "ها أنا ذا"، ولا تقول مبتدئا "ها أنا" فتعرف بنفسك، لأنك إذا أشرت إلى نفسك بـ "ذا" فالإخبار "أنا" بعده لا فائدة فيه". انتهى.

قوله: "فإن تطوّعت بخير".

هو على الأصل. وجاء قوله تعالى: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراًً} ٣بالنصب على إسقاط الخافض.


١أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، كان من أعلم الناس بالنحو واللغة والأدب. له مصنفات كثيرة منها: المذكر والمؤنث، الزاهر، شرح القصائد السبع الطوال، إيضاح الوقف والابتداء. توفي ببغداد سنة ٣٢٨ هـ. انظر بغية الوعاة ١/٢١٢.
٢كلام ابن الأنباري هنا مذكور في كتابه الزاهر ٢/٢٧٨-٢٧٩ والبيت لأمية بن أبي الصلت. وانظر المذكر والمؤنث لابن الأنباري ٧٣٨ـ ٧٣٩.
٣ البقرة: ١٥٨.