ثالثا: أن كثرة التأمل والاستغراق الطويل للتعرف على الموضوع في جوانب نفس الباحث يمنعه من التردي في التقليد للآخرين لفكرة ما، ويتخلص من المتابعة والانقياد لآراء الغير، ويأمن الباحث من الانخداع ببريق الموضوعات من بعيد، ويصبح ذا رأي مستقل يعبر عن شعوره وفكره لا عن عاطفة الآخرين وأفكارهم؛ فيتمكن من الموهبة التي تناقش وتضيف في مناقشتها أفكارا جديدة، ومن الملكة التي تصوغ من صاحبها شخصية مستقلة لها اتجاهات الحر، ورأيها الفريد ومحاولاتها الجادة، ونتائجها الطريفة.
وهذا ما يجعل شخصية الباحث بعيدة عن التبعية تتجنب العول على الآخرين، وجدير بهذا أن يتصف بالباحث المبتكر والعالم الحر، والمدقق الأصيل في بحوثه وكتاباته.
رابعا: أن التأمل الطويل في اختيار الموضوع الناشئ عن كثرة القراءة يعطي الباحث القدرة على تحديد الموضوع الذي يتناسب مع الوقت المحدد له، ومثل ذلك لو كان مبتعثا في الخارج أو لظروفه الصحية أو العائلية، وغير ذلك مما يقتضي الوقت الوجيز المتعارف عليه في الدراسات العليا وهو مدة سنتين على الأقل.
وهذه الحالة تدفع الباحث إلى اختيار الموضوع الذي يتناسب مع قصر الوقت أو امتداده، حتى لا تقصر همته في منتصف الطريق، أو يعرض موضوعه عرضا سيئا في عجلة، مما يجعله