جهده، فيسهب جدًّا، ومعظمها من كلام شيخه يتصرف في ذلك، وله في ذلك ملَكَة قوية، ولا يزال يدندن حول مفرداته وينصرها، ويحتج لها. انتهى.
وله من حسن التصرف مع العذوبة الزائدة وحسن السياق ما لا يقدر عليه غالب المصنفين، بحيث تعشق الأفهام كلامه وتميل إليه الأذهان وتحبه القلوب. وليس له على غير الدليل مُعَوَّل في الغالب، وقد يميل نادرًا إلى مذهبه الذي نشأ عليه ولكنه لا يتجاسر على الدفع في وجوه الأدلة بالمحامل الباردة كما يفعله غيره من المتمذهبين بل لا بد له من مستند في ذلك، وغالب أبحاثه الإنصاف والميل مع الدليل حيث مال، وعدم التعويل على القيل والقال، وإذا استوعب الكلام في بحث وطوَّل ذيولَه أتى بما لم يأت به غيره، وساق ما ينشرح له صدور الراغبين في أخذ مذاهبهم عن الدليل. وأظنها سرت إليه بركة ملازمته لشيخه ابن تيمية في السراء والضراء، والقيام معه في مِحَنِه ومؤاساته بنفسه وطول تردده إليه. فإنه ما زال ملازمًا له من سنة (٧١٢) إلى تاريخ وفاته المتقدم في ترجمته.
وبالجملة فهو أحد من قام بنشر السنة وجعلها بينه وبين الآراء المحدثة أعظم جُنّة فرحمه الله وجزاه عن المسلمين خيرًا.
وحكي عنه قبل موته بمدة أنه رأى شيخه ابن تيمية في المنام وأنه سأله عن منزلته؟ أي منزلة الشيخ، فقال: إنه أنزل فوق وسمى بعضَ الأكابر، وقال له: وأنت كدت تلحق به ولكن أنت في طبقة ابن خزيمة.
(ومات) في ثالث [عشر] شهر رجب سنة إحدى وخمسين وسبعمائة.