العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن بكر بن أيوب بن سعد الزُّرَعي ثم الدمشقي. الفقيه الحنبلي المفسر النحوي الأصولي المتكلم الشهير بابن قيم الجوزية. قال في «الشذرات»: بل هو المجتهد المطلق.
قال ابن رجب: ولد شيخنا سنة إحدى وتسعين وستمائة، ولازم الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وأخذ عنه وتفنن في كافة علوم الإسلام، وكان عارفاً بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين وإليه فيه المنتهى، وبالحديث ومعانيه ودقائق الاستنباط فيه لا يلحق في ذلك، وبالفقه والأصول والعربية وله فيها اليد الطولى، وبعلم الكلام والتصوف.
حبس مدة لإنكاره شد الرحيل إلى قبر الخليل، وكان ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى، ولم أشاهد مثله في عبادته وعلمه بالقرآن والحديث وحقائق الإيمان، وليس هو بالمعصوم، ولكن لم أر في معناه مثله.
وقد امتحن وأوذي مرات، وحبس مع شيخه شيخ الإسلام تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة منفردًا عنه، ولم يُفرَج عنه إلا بعد موت الشيخ، وكان في مدة حبسه مشتغلًا بتلاوة القرآن وبالتدبر والتفكر، ففتح عليه من ذلك خير كثير وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة وتسلط بذلك على الكلام في علوم أهل المعارف والخوض في غوامضهم وتصانيفه ممتلئة بذلك.
(١) ص ٤٩ - ٥١. تحقيق الداني آل زهوي، المكتبة العصرية، ط الأولى ١٤٢٧.