الطوائف، وهو طويل النفَسِ فيها، يتعانى الإيضاح جهده، فيسهب جدًّا، ومعظمها من كلام شيخه يتصرف في ذلك، وله في ذلك ملَكَة قوية، ولا يزال يدندن حول مفرداته وينصرها، ويحتج لها. ومن نظمه قصيدة تبلغ ستة آلاف بيت سماها «الكافية في الانتصار للفرقة الناجية» وهو القائل:
بُنيُّ أبي بكر كثير ذنوبُهُ ... فليس على مَن نال من عرضه إثمُ
بُنيُّ أبي بكر غدا متصدرًا ... يعلّم علمًا وهو ليس له علمُ
بُنيُّ أبي بكر جَهولٌ بنفسه ... جهول بأمر الله أنَّى له العلمُ
بُنيُّ أبي بكر يروم ترقّيًا ... إلى جنَّة المأوى وليس له عزمُ
بُنيُّ أبي بكر لقد خاب سعيُه ... إذا لم يكن في الصالحات له سهم
بُنيُّ أبي بكر كما قال ربّه ... هَلوعٌ كنودٌ وصفه الجهل والظلمُ
بُنيُّ أبي بكر وأمثاله غدت ... بفتواهُم هذي الخليقة تأتمُّ
وليس لهم في العلم باع ولا التقى ... ولا الزهد، والدنيا لديهم هي الهمُّ
بني أبي بكر غدا متمنيًا ... وصال المعالي والذنوب له هم
جرت له محن مع القضاة، منها في ربيع الأول، طلبه السبكي بسبب فتواه بجواز المسابقة بغير محلل فأنكر عليه، وآل الأمر إلى أنه رجع عما كان يفتي به من ذلك. ومات في ثالث عشر شهر رجب سنة ٧٥١ هـ، وكانت جنازته حافلة جدًّا ورئيت له منامات حسنة، وكان هو ذكر قبل موته بمدة أنه رأى شيخه ابن تيمية في المنام، وأنه سأله عن منزلته فقال: إنه أنزل منزلة فوق فلان وسمى بعض الأكابر، قال له: وأنت كدت تلحق بنا، ولكن أنت في طبقة ابن خزيمة.