الشيخ تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة منفردًا عنه، ولم يُفرج عنه إلا بعد موت الشيخ.
وكان في مدة حبسه مشتغلًا بتلاوة القرآن بالتدَّبُّر والتفكُّر، ففُتح عليه من ذلك خيرٌ كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف، والدخول في غوامضهم، وتصانيفُه ممتلئة بذلك.
وحجَّ مرات كثيرة وجاور بمكة. وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمرًا يتعجب منه.
وأخذ عنه العلمَ خلقٌ كثير من حياة شيخه وإلى أن مات، وانتفعوا به، وكان الفضلاء يعظّمونه ويتتلمذون له كابن عبد الهادي وغيره، ولازم مجالسه الشيخُ زين الدين ابن رجب قبل موته أزيد من سنة، وسمع عليه «قصيدته النونية» الطويلة في السنة، وأشياءَ من تصانيفه وغيرها.
وقال القاضي برهان الدين الزُّرَعي عنه: ما تحت أديم السماء أوسع علمًا منه.
ودرَّس بالصَّدريَّة، وأمَّ بالجوزية مدَّة طويلةً، وكتب بخطّه ما لا يوصف كثرة.
وصنّف تصانيف كثيرة في أنواع العلم، وكان شديدَ المحبَّة للعلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه، واقتناء كتبه، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره.
فمن تصانيفه:
كتاب «تهذيب سُنن أبي داود وإيضاح مشكلاته والكلام على ما فيه من