حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِمَاراً وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ وهما موضعان بين مكة والمدينة، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فتأثر الصعب من رد النبي -عليه الصلاة والسلام-، فطيّب النبي -عليه الصلاة والسلام- خاطره بقوله لما رأى ما فيه وجهه من التأثر:((إنا لم نرده عليك إلا إنا حرم)) يعني محرمون، متلبسون بالإحرام، والمحرم يحرم عليه الصيد، {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرّ} [(٩٦) سورة المائدة]، فالحرم وهو المحرم لا يجوز له أن يأكل من صيد البر، وسيأتي في حديث أبي قتادة ما يدل على الجواز مما يمكن الجمع بأنه يختلف الحال فيما إذا صيد من أجله فيحرم، أو لا فيحل، وعلى الأول يحمل حديث الصعب، وعلى الثاني يحمل حديث أبي قتادة، ((لم نرده عليك)) لم هذه جازمة، (لم نردُه) أو (لم نردَّه؟ ) في وجه ثالث؟ الحرف المضعّف هو إذا فك هذا الإدغام انتفى الإشكال، لم نردده ما في إشكال، وهنا مع التضعيف، من المعلوم أن لم تجزم الفعل المضارع، حرف نفي وجزم وقلب، فأين أثرها على الفعل؟ (لم نرده؟ ) والأكثر على أنه بضم الدال (لم نردُّه) وهو الأفصح فيما ذكره الشرّاح، نعم مراعاةً للحركة التي على الهاء، (لم نردُّه) ولذا لو كان الضمير ضمير تأنيث لفتح، لم نردَّها، إتباعاً للهاء المفتوحة، والأول إتباعاً للهاء المضمومة، كذا قالوا، ومنهم من يرى وإن ضعفوه، وهذا حكاه ثعلب في الفصيح أنه منصوب، (لم نردَّه) ولا شك أن الضمّ يلغي أثر العامل، فكأنه لا يوجد قبله عامل، والفتح ينقل الكلمة المجردة الخالية عن العوامل إلى وضعٍ آخر؛ لكن العامل لا يقتضي الفتح، فهل نقول: نلغي أثر العامل، ويكون من باب الاتباع؟ الإتباع معروف عند أهل العلم، ما هم قرؤوا أول الفاتحة بالجر إتباعاً للام الحمدِ لله، إتباع، فإلغاء أثر العامل لأن الفعل قبل دخول العامل (نردُّه) فإذا دخل عليها (لم)