والمراد به في الشرع العبادة المعروفة، قصد بيت الله الحرام لأداء النسك الأعظم الذي هو الفريضة، وهناك قصد آخر لهذا البيت المعظم المكرم لزيارته لأداء النسك الآخر وهو العمرة، العمرة في اللغة: الزيارة، والمراد بها شرعاً زيارة بيت الله الحرام لأداء النسك للطواف والسعي والحلق أو التقصير، هذه الحدود، وهذه التعاريف الذي يعنى بها المتأخرون قد لا تجدون لها ذكراً في كتب المتقدمين، الإمام مسلم لما قال: كتاب الحج، قال: تعريفه كذا، هم لا يعنون بمثل هذا؛ لأن الحقائق الشرعية لهذه الألفاظ معروفة عندهم، الصلاة معروفة، الزكاة معروفة، الحج معروف، قد يحتاجون إليه إلى هذه الحدود وهذه التعاريف قد يحتاجون إليها إذا اختلفت فيها الحقيقة الشرعية تبعاً للمنهج النبوي ((أتدرون من المفلس؟ )) يحتاجون إلى تعريف المفلس، لأن الحقيقة الشرعية اختلفت فيه، فله أكثر من حقيقة في الشرع، المفلس من وجد ماله عند رجل قد أفلس، هل يمكن أن نقول: عند رجل قد أفلس من يأتي بأعمالٍ أمثال الجبال من صيام وصلاة وزكاة وصيام .. الخ؟ أو أنه الذي لا يجد متاعاً أو من كانت ديونه أكثر من أمواله هذه حقيقة للمفلس، والحقيقة الأخرى التي جاء تعريفها بقوله:((المفلس من يأتي بأعمال)) كما في صحيح مسلم، وفي بعض الروايات:((أمثال الجبال)) يعني من العبادات، يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا .. الخ، أعمال كالجبال يوزعها على الناس، فعلى المسلم لا سيما طالب العلم أن يحرص على اكتساب الحسنات، وأن يحرص أشد من ذلك على المحافظة على هذه الحسنات، المتأخرون يعنون بهذه التعاريف وهذه الحدود، بناءاً على ما قعدوه من أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وتصوره إنما يكون بالحد والتعريف، والمبرر لذلك لما طال الزمان وبعد العهد احتاج الناس إلى أن يعرفوا الحقائق الشرعية، وأن يربطوا بين الحقائق اللغوية والشرعية.