"أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ )) يعني ما الذي يلبسه المحرم من الثياب؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا تَلْبَسُوا)) " هل الجواب مطابق للسؤال؟ السؤال عما يلبسه المحرم والجواب عما لا يلبسه المحرم، هذا أسلوب الحكيم، يسأل السائل فيصرف عما هو أهمّ منه، وذلكم لأن ما يلبسه المحرم غير منحصر، وما لا يلبسه محصور يمكن ضبطه، فعدل عن الجواب عما يلبسه إلى الجواب بما لا يلبسه المحرم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ)) وهو ما يخاط على قدر البدن، وله جيب وأكمام، ((وَلَا الْعَمَائِمَ)) هو ما يستر به الرأس، ((وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ)) جمع سراويل، سراويل جمع وإلا مفرد؟ مفرد نعم، سراويل مفرد، جمعه سراويلات، وإن جاء على صيغة الجمع، ((وَلَا الْبَرَانِسَ)) وهي ما يكون غطاءً للرأس ملتصقاً بالقميس ((وَلَا الْخِفَافَ)) معروفة، ولا الخفاف وهي ما يلبس في القدمين مما يغطي الكعبين ((إِلَّا أَحَدٌ لَا يَجِدُ النَّعْلَيْنِ)) فمنع من لبس ما يغطي البدن بالكامل كالقمص، وما يستر الرأس كالعمائم والبرانس، وكذلك السراويلات وهي معروفة ذات الأكمام مما يغطي السوءة، فإن نزل إلى الساقين سمي سراويل، وإن ارتفع فغطى السوأة فقط قيل له: تبّان أو تُبان، وكلها ممنوعة، ممنوع للمحرم أن يلبسها، وإن رخّصت عائشة بالتبّان للذين يرحلون هودجها؛ لأنهم مظنّة لانكشاف العورات؛ لكن هذا اجتهاد منها لم تُوافق عليه -رضي الله عنها-، ((ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين)) يعني فيحتاج إلى لبس الخفين، لا يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعها أسفل من الكعبين، وهذا الحديث قاله النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة قبل خروجه، وسيأتي ما فيه من لزوم القطع وعدمه ((وَلَا تَلْبَسُوا مِنْ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا الْوَرْسُ)) الزعفران معروف له رائحة طيبة، والورس نبت أيضاً نوع من الطيب، ونبّه بهما على جميع أنواع الطيب، مما له له رائحة طيبة، ولو كان له لون أو لا لون له، فهو ممنوع على الحالين.