وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْقِلٍ حَدَّثَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُحْرِماً فَقَمِلَ، يعني ابتلي بهذه الهوام فقمل رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والعادة أن مثل هذه الهوام وهذه الدواب تأتي مع أيام الشدة والضيق حينما يغفل الناس عن النظافة أو لا يجدون ما يتنظفون به، فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَدَعَا الْحَلاقَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ:((هَلْ عِنْدَكَ نُسُكٌ؟ )) قَالَ: مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ يُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، هذه الرواية ظاهرها يخالف التخيير في الروايات كلها، وأن التخيير بين الصيام والإطعام، فأمره لما لم يقدر على النسك أمره أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين؛ لكن الروايات كلها مع الآية متفقة على أنه مخير بين الأنواع الثلاثة، وإن كانت هذه الرواية ظاهرها أنه التخيير بين الأمرين لمن لم يقدر على النسك، فكأنه قال له: هل عندك نسك؟ بدأ به لأنه أفضل من غيره مع جواز غيره، أو أنه سأله عن ذلك ليخبره أنه مخير بين الثلاثة، أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين لِكُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فِيهِ خَاصَّةً:{فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [(١٩٦) سورة البقرة] ثُمَّ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.