قالت عائشة -رضي الله عنها-: فحضت: في هذا دليل على جواز الأنساك الثلاثة، الأنساك الثلاثة: التمتع والقران والإفراد، على خلاف بين أهل العلم في الأفضل، على خلاف بين أهل العلم في الأفضل، فمنهم من يرى أن التمتع أفضل الأنساك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر به أصحابه وتأسف -عليه الصلاة والسلام- أن ساق الهدي، وقال:((لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة))، فمع هذا كله يرجح التمتع، بل أقوى من ذلك كله أمره -عليه الصلاة والسلام- الصحابة أن يحلوا، وإن حمله بعضهم على أنه خاص بهم، يرى بعض أهل العلم أن هذا خاص بالصحابة؛ ليجتث ما في قلوبهم من بقايا تصورات الجاهلية أن العمرة لا تجوز في أشهر الحج، فلما استقر ذلك لم يلزم القول بالتمتع، ومنهم من أخذ من هذه النصوص وجوب التمتع.
ومن أهل العلم من يرجح القِران؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حج قارناً، حج قارناً، وما كان الله -جل وعلا- ليختار لنبيه إلا الأفضل والأكمل، يعني يقول: كيف نقول: إن بعض الصحابة حجه أفضل من حج النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه متمتع، ومن يأتي بعده يحج متمتعاً نقول: إن حجه أفضل من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-؟
لكن هذا ثبت في أمره -عليه الصلاة والسلام- التمتع ثبت بأمره حتى قيل بوجوبه، والقِران فعله -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه ساق الهدي، فيكون القِران أفضل بالنسبة لمن ساق الهدي، والتمتع أفضل بالنسبة لمن لم يسق الهدي.
ورجح بعض أهل العلم الإفراد، رجح بعض أهل العلم الإفراد، يعني مع قولهم بوجوب العمرة؛ ليأتي الحاج بسفرة مستقلة للعمرة وسفرة مستقلة للحج.
بل إن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- قال: إن هذه الصورة أفضل بالاتفاق، نقل الاتفاق على تفضيل الإفراد في مثل هذه الصورة، يعني المسألة مفترضة في شخص لن يؤدِّي الحج والعمرة إلا مرة واحدة في عمره، لن يزيد على الواجب، فهل الأفضل أن يقال له: سافر للعمرة ثم سافر للحج؟ أو نقول: بسفرة واحدة اعتمر وحج؟ أو نقول: بسفرة واحدة اعتمر مع الحج؟ نعم؟