هي أمرت وهي متلبسة بالعمرة، وللحائض أن تفعل ما يفعله الحاج غير أن لا تطوف بالبيت، وما في قبل ذلك إلا الطواف والسعي، والتقصير للعمرة، والطواف منعت منه ((غير أن لا تطوفي بالبيت))، والسعي عند أكثر العلماء يشترط له تقدم طواف ولو مسنون، فهي ممنوعة منه حكماً، هي منعت من الطواف، نعم، وهي ممنوعة من السعي بطريق اللزوم عند من يقول بأن السعي لا يصح إلا أن يتقدمه طواف، وهذا من أقوى أدلتهم؛ لأنه قال:((افعلي)): أمر، وما فعلت السعي، ثم أدخلت الحج على العمرة، ووقفت المواقف كلها، ذهبت معهم إلى منى يوم الثامن -يوم التروية- ثم إلى عرفة اليوم التاسع، ونزلت ليلة جمع -ليلة العيد- وفعلت جميع ما فعلوا، ولما كان يوم العيد طهرت.
ووقفت المواقف، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة، ثم قال:((قد حللت من حجتك وعمرتك جميعاً)): كيف يسوغ السؤال عنها أنها كانت أهلت بالحج وحده؟ هنا يقول السائل: عائشة -رضي الله عنها- حجت ولم تعتمر، فكان فعلها عمرة واحدة، يعني التي بعد الحج؛ لأنها أهلت بالحج ولم تهل بالعمرة؛ لأنه قال:((ثم أهلي بالحج))، ومقتضاه أنها رفضت العمرة، فيها أصرح من ذلك في ((دعي عمرتك))، لكن ((دعي عمرتك)) من صورتها الظاهرة المستقلة؛ بدليل: ثم قال: ((قد حللت من حجك وعمرتك جميعاً)): العمرة موجودة لم ترفض.
فقالت: يا رسول الله، إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، قال:((فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم)) وذلك ليلة الحصبة: ليلة نزوله بالمحصب، بعد فراغه من أعمال الحج على ما تقدم.
يقول: وحدثني محمد بن حاتم وعبد بن حميد قال ابن حاتم: حدثنا وقال عبد: أخبرنا محمد بن بكر قال: أخبرنا بن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله: وهنا صرح بالسماع، - رضي الله عنهما- يقول: دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على عائشة وهي تبكي -رضي الله عنها- فذكر بمثل حديث الليث إلى آخره، ولم يذكر ما قبل هذا من حديث الليث: ما قبل هذا: يعني أكثر حديث الليث لم يذكره، فهو حديث مختصر.