وسبب الخلاف أن الرواية بالمعنى جائزة عند أهل العلم -عند جمهور أهل العلم الرواية بالمعنى جائزة-، فيحتمل أن يكون التغيير ممن لا يحتج به من متأخري الرواة، والمسألة معروفة عند أهل العلم.
من الحجر إلى الحجر.
قال: حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا الجريري عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: "أرأيت هذا الرمل بالبيت ثلاثة أطواف ومشي أربعة أطواف أسنة هو؛ فإن قومك يزعمون: يعني يقولون، يطلق الزعم بإزاء القول، استعمال معروف.
فإن قومك يزعمون أنه سنة؟ قال: فقال: صدقوا وكذبوا: صدقوا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رمل، وكذبوا في ادعائهم أنه سنة.
قال: قلت: ما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم مكة فقال المشركون: إن محمداً وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال: الضعف، المرض، الحمى، الوهن، وكانوا يحسدونه: يحسدون النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا ثلاثاً، ويمشوا أربعاً، قال: قلت له: أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة: الآن انتهينا من الرمل، ابن عباس لا يراه، وجمهور أهل العلم على أنه سنة، فقوله: "صدقوا": يعني فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وكذبوا في ادعائهم أنه سنة، إنما شرع لهذه العلة وارتفعت العلة.
قال: قلت له أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكباً أسنة هو؛ فإن قومك يزعمون أنه سنة؟ قال: صدقوا وكذبوا: يعني صدقوا في كونه -عليه الصلاة والسلام- ركب، وكذبوا في ادعائهم أنه سنة بالنسبة لغيره -سنة مستمرة-؛ لأنه شرع لعلة وارتفعت العلة، وبين العلة.
قال: قلت: وما قولك صدقوا وكذبوا؟ قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كثر عليه الناس: حطمه الناس، اجتمعوا عليه، كثر عليه الناس يقولون: هذا محمد، هذا محمد، حتى خرج العواتق من البيوت: المتزوجات أو المقاربات لحد الزواج اللواتي عتقن من خدمة أهلهن.
قال: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يضرب الناس بين يديه، فلما كثر عليه ركب: ليتخلص من الزحام ويراه الناس، ويقتدوا بأفعاله، والمشي والسعي أفضل: يعني على الأقدام لا على الدابة.