ثم قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن أنس قال: "كانت الأنصار يكرهون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، حتى نزلت:{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} ": قد يقول قائل: ما الداعي لكثرة هذه الطرق والأسانيد وتكرارها، وتأخذ وقت في قراءتها وإعادتها، ولو اقتصرنا على المتون من غير تكرار؟ بعض الناس يشق عليه سماع الأسانيد بكثرة ولا خاطر له فيها، وكذلك التكرار يمله، لكن هذا مقصد لأهل العلم، أولاً الأسانيد هي العمد التي يعتمد عليها في قبول الأخبار وردها، وأما بالنسبة لتكرار المتون فلا يخلو تكرار من فائدة، والإمام البخاري كرر في الصحيح أكثر من الثلثين، كله مكرر، أكثر من الثلثين مكرر، ولا يخلوا تكرار من فائدة، فالبخاري لا يعيد الخبر بإسناده ومتنه في موضعين إلا نادراً، يعني في نحو عشرين موضع فقط، وكل إعادة فيها فائدة زائدة.
أضف إلى ذلك أنه لو اكتفي، أو اقتصر على المختصرات فقد يحذف المختصر ما يرى أن طالب العلم ليس بحاجة إليه، مع أنه بأمس الحاجة إليه؛ لأن الحذف والاختصار وجهة نظر، قد يكون من وجهة نظر المختصر هذا الكلام لا داعي له، لكن قد يكون طالب العلم بأمس الحاجة إليه.
وهناك أمور وتنبيهات يشير إليها الأئمة في كتبهم التي فيها هذا التكرار لا توجد في المختصرات، فمن أراد الاختصار فلا يعتمد على اختصار غيره، يختصر بنفسه؛ ليكون علمه بما حذف كعلمه بما أبقى.
بعض الإخوان يشق عليه سماع هذا التكرار، وبعضهم يملّ، وبعضهم ينعس من أجله، لكن من كان فيه النفَس العلمي الحقيقي، المشرب بحب النبي -عليه الصلاة والسلام- وحب سنته لا يبعد أن يطرب من هذا الكلام، والله المستعان.
يقول: نرجو تنبيه الأخوة إلى صلاة الاستسقاء غداً وحثهم عليها؛ لأن الناس تساهلوا بها؟
الله المستعان، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.