قال -عليه الصلاة والسلام-: ((الصلاة أمامك)): يعني في المزدلفة بجمع، فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء: توضأ وضوءه للصلاة، وما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول بعده ما يقول من الأذكار إلا دخل الجنة من أي أبوابها شاء، يقول البخاري في كتاب الرقاق:"ولا تغتروا"؛ لأن هذا سهل كون الإنسان يسبغ الوضوء ويقول: أشهد ألا إله إلا الله، ثم بعد ذلك يزاول ما يزال من معاصي ومنكرات، بعض أهل العلم يقول: إن هذه الكلمة من أصل الحديث: ((ولا تغتروا)).
فقلت له: الصلاة؟ قال:((الصلاة أمامك))، فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصلِّ بينهما شيئا": فدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- صلى المغرب والعشاء بالإقامتين.
يقول: ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أقيمت العشاء فصلاها: يعني صلاها بإقامتين، وفي حديث جابر السابق في صفة حجه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلاهما بأذان واحد وإقامتين.
وجاء في الصحيح أنه صلاها بأذانين وإقامتين، وجاء فيه أنه صلاهما بإقامة واحدة -على ما سيأتي- والمرجح عند أهل العلم ما جاء في حديث جابر أنه صلاهما بأذان واحد وإقامتين، وهو من أفراد مسلم، ويرجح في مثل هذه الصورة على ما جاء في البخاري، من حديث ابن مسعود وأسامة وغيرهما .. لماذا؟ المقرر عند أهل العلم أن ما رواه البخاري، أو ما اتفق عليه الشيخان أرجح، فكيف يرجح عليه ما تفرد به مسلم؟
طالب:. . . . . . . . .
جابر -رضي الله تعالى عنه- ضبط الحجة وأتقنها، ضبطها من خروجه -عليه الصلاة والسلام- من المدينة إلى رجوعه إليها، وصار عنده مزيد علم في هذه الحجة فرجحت روايته على رواية غيره، ولهذا يقول أهل العلم: قد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً، وهذا من المرجحات، أن يكون الراواي له عناية بالخبر، فيرجح قوله على قول غيره.