"وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال: يحيى أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا" وهذا من عناية مسلم ودقته في التفريق بين صيغ الأداء، "حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "ربما فتلت القلائد لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقلد هديه ثم يبعث به، ثم يقيم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم" ربما هذه استعمالها في الأصل للتقليل، وربما استعملت للتكثير؛ لكن الأصل فيها والأكثر أنها للتقليل، فهل التقليل في الامتناع أو في البعث، أو في فتل القلائد، الهدي يقلد، والهدي يجلل والهدي يشعر، وتقول: "ربما فتلت القلائد لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقلد هديه ثم يبعث به" والشاهد منه: "ثم يقيم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم" وهذا لا يتعدى إليه حرف التقليل؛ لكن "ربما فتلت" يعني قد تفتل هي وقد يفتل غيرها، وما دامت (ربما) تأتي للتكثير فلتكن هنا للتكثير.
قال: "وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال: يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة إلى البيت غنماً فقلدها" والغالب؟ هي تقول: أهدى مرة، والغالب أنه يهدي الإبل، البدن، "فقلدها" فالغنم تقلد كالإبل والبقر، وتجلل أيضاً؛ لكنها لا تشعر على ما تقدم.
"وحدثنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن جحادة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "كنا نقلد الشاء فنرسل بها" كنا تدل على الاستمرار والكثرة، وهذا من فعلها، وليس من عمله -عليه الصلاة والسلام-، قالت: "كنا نقلد الشاء فنرسل بها، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلال لم يحرم عليه منه شيء" يعني هذا كسابقه، أنه أهدى غنماً، فكانت تقلد الشاء كما كانت تقلد غيرها مما يهدى "ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلال" يدل على أنه له نصيب في هذا الهدي، لم يحرم عليه منه شيء.