يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبد الوارث بن سعيد عن أبي التياح الضبعي قال: حدثني موسى بن سلمة الهذلي قال: انطلقت أنا وسنان" ومر بنا مراراً أن الضمير المنفصل هنا يؤتى به ليتوصل إلى العطف على ضمير الرفع المتصل، لذا لا يجوز العطف على ضمير رفع متصل إلا بفاصل، والفاصل هنا الضمير المنفصل، "وسنان بن سلمة معتمرين قال: وانطلق سنان معه ببدنة يسوقها فأزحفت عليه بالطريق" يعني كلت وأعيت، "فعيي بشأنها إن هي أُبدعت" كذلك هو من الكلال، عيي تعب بشأنها، بسببها "إن هي أبدعت" يعني عيي عن معرفة ماذا يصنع بها؟ عجز وحار في ذلك "إن هي أبدعت" يعني زاد عليها الكلل والتعب ماذا يصنع بها؟ وخشي أن تموت، "فقال: لئن قدمت البلد" الذي فيه أهل العلم الذين يجيبونه إذا سأل، "لأستحفين عن ذلك" يعني لأبالغ في البحث عن حكم هذه المسألة، "قال: فأضحيت، فلما نزلنا البطحاء قال: انطلق إلى ابن عباس نتحدث إليه، فذكر له شأن بدنته، فقال: على الخبير سقطت" يعني الخبر عندي، وأنا أعرف الناس بهذا، ويأخذ من هذا أهل العلم أنه إذا كان الشخص عنده شيء من العلم متأكد منه، وأنه أتقنه وضبطه وحرره أنه لا مانع أن يقول: أنه يعرف هذه المسألة، ويتميز بمعرفتها، وقد ضبطها وحررها وأتقنها، وتعب عليها، ولذا يقول:"على الخبير سقطت، بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بست عشرة بدنة" وسيأتي أنها ثمان عشرة، قالوا: مفهوم العدد ملغى، هي ستة عشرة وزيادة، "مع رجل، وأمره فيها" أن يذبحها إذا وصل، ويفرقها على المساكين، "قال: فمضى ثم رجع فقال: يا رسول الله: كيف أصنع بما أبدع علي منها؟ " يعني من وصل إلى حد يغلب على الظن أنه يهلك، "قال:((انحرها)) لا تفوت، أدرك ذكاتها ((انحرها ثم أصبغ نعليها)) يعني هي تقلد بنعلين، اصبغ هذين النعلين بدمها ((اصبغ نعليها في دمها، ثم اجعله على صفحتها)) اجعل هذا النعل والدم أيضاً على صفحتها؛ لكي يعرفها من يمر بها، ((ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك)) لماذا؟ لئلا يسرع في ذبحها بحجة أنها يؤول أمرها إلى العطب، وهو في حقيقة الحال من أجل أن يأكل منها، ولو ترك مثل هذا المجال للناس، مع أن المسألة