"فتحاماه الناس" خاف الناس "أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمرٌ من السماء" يعني مثل ما حصل لأصحاب الفيل، "حتى صعده رجلٌ فألقى منه حجارة، فلما لم يره الناس أصابه شيء تتابعوه فنقضوه" خلاص اطمأنوا، تتابعوا وفي بعض النسخ" "تتايعوا" والمعنى واحد، إلا أن التتايع أكثر ما يكون في الشر، "تتابعوا فنقضوه حتى بلغوا به الأرض" يعني سووه في الأرض، "فجعل ابن الزبير أعمدة فستر عليها الستور" لكي يصلي الناس إلى شاخصٍ قائم، ولا يصلون إلى موضعها، مع إمكان وجود ما يقوم مقامها من الشاخص، من أهل العلم من يرى أنه لا يصلى إلى موضعها، وإنما لا بد أن تكون الصلاة إلى شاخص، ومنهم من يرى جواز ذلك، لا سيما إذا نقضت، نقضها ذو السويقتين من الحبشة في آخر الزمان، يُصلى إلى موضعها.
هنا: ستر عليها الستور ليصلي الناس إلى شاخص، وأيضاً لأن منظرها مؤثر في القلوب، مؤثر بلا شك، تجد مكان الكعبة وما فيه شيء، من يحتمل مثل هذا؟ لا شك أن هذا مؤثر، يعني رممت قبل ثلاث سنوات أو أربع ووضع لها الستور من خشب حتى فرغ منها، وهذا عمل عين الحكمة، وعين السياسة؛ لأن الناس في قلوبهم هيبة وتعظيم لهذا الأمر العظيم لبيت الله -جل وعلا-، فإذا رأوه مثل بيوت الناس من حجارة، وينقض، ويرد لا شك أن هذا مما يذهب بعض هيبته، فالستور هذه قال: "فستر عليها الستور -عين الحكمة- حتى ارتفع بناؤه، وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لولا أن الناس حديثٌ عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوي على بنائه)) النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر ما عنده شيء، الذي يأتيه ينفقه في يومه، تأتيه الأموال الطائلة وينفقها في سبيل الله في يومها، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: ((ما يسرني أن يكون عندي مثل جبل أحدٍ ذهباً تأتي علي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين، حتى أقول به هكذا وهكذا وهكذا)) يعني عن يمينه، وعن شماله، ومن أمامه، ومن خلفه، لا يترك شيئاً -عليه الصلاة والسلام-.