((قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)) قوله: ((فحجوا)) أمرٌ منه -عليه الصلاة والسلام- تأكيداً للأمر الثابت عن الله -جل وعلا-، "فقال رجل" وهو الأقرع بن حابس، "أكل عام يا رسول الله" الأقرع تردد في قوله -جل وعلا-: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [(٩٧) سورة آل عمران] المقتضية لفريضة هذا الركن العظيم، هل يلزم من هذا النص، وما جاء في معناه التكرار في كل عام، أو أنه مرة واحدة؟ أم ماذا؟ فقال:((أكل عامٍ يا رسول الله)) الصيغة صيغة الأمر هل تقتضي التكرار؟ أو يتأدى الأمر، ويسقط الطلب بمرة واحدة، من أهل العلم من يرى أن الأمر يقتضي التكرار، ومنهم من يرى أنه يسقط الطلب بفعله مرةً واحدة، ومنهم من يتوقف في مثل هذا، ومنهم من يرى أن كل نصٍ له حكمه، فمن النصوص، ومن الأوامر ما يقتضي التكرار بدلائل وقرائن أخرى، ومنها ما لا يقتضي التكرار.
ما دام هذه الاحتمالات موجودة، فلما فرض الله -جل وعلا- الحج، فمثلاً الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(٥٦) سورة الأحزاب] الفرض يتأدى بمرة واحدة أو كلما ذكر، امتثال الأمر؟ كلما ذكر، بدلائل أخرى، ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصلِ عليّ)) فدل على أنه يصلى عليه كلما ذكر -عليه الصلاة والسلام-، ومن الأوامر لا شك أنها تتأدى ويسقط الفرض بها مرة واحدة، ومنها ما يكون متردداً بين هذا وهذا، ويكون الترجيح للدلائل الأخرى، كل هذا يجعل السائل يسأل.
"أكل عامٍ يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً .. " سكت النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الجواب، لماذا سكت؟
طالب: حتى يأتي الوحي من السماء.
الآن في مناسبات كثيرة يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ويسكت، أحياناً ينتظر الوحي، وأحياناً ...