واحد يكتب أن الديانة الإسلامية مزيج من الحضارات السابقة، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- استفاد هذا الحكم من فارس والروم، قالوا، والله بصحفنا كتب هذا، قي الصحف كتب مثل هذا الكلام، لكن كيف نجيب عن هذا؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- أراد أن ينهى عن الغيلة باعتبار أنها مضرة، وضررها ظاهر، لكن مضرة بمن؟ في بيئته -عليه الصلاة والسلام-، وهل الرسول مبعوث لبلاده في الحجاز، أو في نجد أو في غيرها؟ مبعوث إلى العالمين كلهم، وكم نسبة من يسكن الحجاز بالنسبة لفارس والروم، فأراد أن ينهى عنها لضررها، فإذا هي لا ما تأثر، أكثر الناس ما يتضررون بها، فترك النهي عنها؛ لأن أكثر الناس لا يتضرر بها، والحكم للغالب، فكون بعض الناس يتضرر من شيء لا يقتضي النهي العام عنه، يعني كون أهل الحجاز، أو أهل نجد يتضررون بالغيلة، وهي إرضاع الحامل، وعامة الناس دول فارس والروم وأوروبا، والجهات كلها ما تتضرر، الرسول -عليه الصلاة والسلام- بعث للعالمين كلهم، فما ينهى لأن بعض الناس يتضرر، ما ينهى لا لأن أولئك أثروا عليه، لا، العلة، علة النهي أيش هو؟ ما هي؟ الضرر، إذاً الضرر كونه في أناس معينين هل يقتضي أن يعمم الحكم على الجميع؟ لا، يعني كون بعض الناس يتضرر من التمر نقول: حرام التمر، قطاع كبير من الناس يتضرر من التمر، لكن الأصل مباح، لكن من يضره هذا الأمر يمتنع منه، لوجود الضرر، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينهى عن الغيلة ظناً منه أن الناس كلهم يتضررون بها، فلما رأى فارس والروم وهم السواد الأعظم ممن على وجه الأرض، ورسالته عالمية للناس كلهم عدل عن هذا؛ لأن العلة غير متحققة.