((لو قلت: نعم لوجبت، ولما استطعتم)) تصور الآن كم نسبة من يحج من المسلمين؟ إذا قلنا: مليونين بالنسبة لمليار وزيادة، كم؟ اثنين بالألف، لو كان الناس كل هؤلاء المليار يحجوا كل سنة، أو قل: المستطيع منهم مائة مليون مثلاً كلهم يحجون، أي مكانٍ يسعهم، ولذلك قال:((ولما استطعتم)) ثم قال: ((ذروني)) اتركوني، وجاء في الحديث الصحيح:((شر الناس من سأل عن شيء فحرم من أجله)) هذا التضييق على الناس بسبب السؤال، أما الآن بعد انقطاع الوحي لا مانع من السؤال؛ لأنه المحظور المرتب على السؤال في حياته -عليه الصلاة والسلام- ارتفع، ولذا جاء النهي عن السؤال في حياته -عليه الصلاة والسلام-، مع أنه جاء في الآية:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(٤٣) سورة النحل] والعلماء سألوا، وفصلوا في المسائل، وشققوها وفرعوها، وليس هذا من التعنت، ولا من التكلف؛ لأن الإشكال وسبب المنع ارتفع.
((ذروني)) اتركوني، هذا الفعل جاء فيه الأمر (ذروني) وجاء فيه أيضاً -ومعناه دعوني، وأقصد الفعل المفسر- جاء فيه (دع) الأمر، وجاء فيه:((من لم يدع)) وجاء فيه: ((لئن لم ينته المنافقون عن ودعهم الجمعات)) يعني: تركهم، فجاء فيها الأمر والمضارع والمصدر، وأميت الماضي، وهنا ذر ((ذروني)) (ولم يذر) يعني لم يدع ولم يترك، لكن هل فيه ذر؟ ذره: يعني اتركه، أو دعه؟
طالب: ذرهم.
ذرهم، نعم، فيه أمر، و (ذروني) أمر، وهل فيه مضارع (من لم يذر)؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم قالوا بالنسبة لـ (وَدَعَ) الماضي من هذه المادة أميت، ما فيه (وَدَعَ)، وأما قراءة:{ما وَدَعَك} فهي شاذة، يعني تركك، ((ذروني -يعني اتركوني- ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم)).