فأذن أبو بكر، وبعث من يؤذن معه، بعث أبا هريرة وعلي -رضي الله عنهما- أن يؤذنا في الناس، قال:"بعثني أبو بكر الصديق في الحجة التي أمره عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، في رهطٍ يؤذنون -في جمع- يؤذنون في الناس يوم النحر: ألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، قال ابن شهاب: فكان حميد بن عبد الرحمن يقول: يوم النحر يوم الحج الأكبر من أجل حديث أبي هريرة" من أين أخذ هذا؟ إذا ضممنا الآية {وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} [(٣) سورة التوبة] ومتى حصل هذا الأذان؟ في يوم النحر، في يوم النحر حصل، إذاً يوم النحر هو يوم الحج الأكبر الذي جاء ذكره في الآية، يعني جاء ذكره في الآية مجملاً فبين بالفعل، فصار يوم الحج الأكبر هو يوم النحر، وهذا هو قول أكثر العلماء، ومنهم من يرى أن يوم الحج الأكبر يوم عرفة، يستدلون بحديث:((الحج عرفة)) وتعريف الجزأين يقتضي الحصر.
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا عرفت المبتدأ والخبر معنى حصر، إذا قلت: الشاعر زيد يعني ما في غيره، ((الحج عرفة)) يعني ما في غيره، تعريف الجزأين، تعريف جزئي الجملة يدل على الحصر، لكن هل هذا الحصر حقيقي أو إضافي؟ إن قلنا: حقيقي فما في حج غير يوم عرفة، احضر عرفة وارجع هذا الحج، وإذا قلنا: إضافي قلنا: إن يوم عرفة استحق هذا الحصر؛ لأنه أهم أعمال الحج، وبه يفوت، يعني كل شيء من أعمال الحج يمكن إدراكه إلا الوقوف بعرفة، ولذا جاء التأكيد بأن الحج عرفة، وعلى هذا فالراجح ما دل عليه هذا الخبر، مضموماً إلى الآية من أن يوم الحج الأكبر هو يوم النحر.
حدثنا هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى قالا: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه قال: سمعت يونس بن يوسف يقول: عن ابن المسيب قال: قالت عائشة -رضي الله عنها: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ ))