فقد ساق المؤلف -رحمه الله تعالى- أحاديث في فضل المدينة بطرقها وأسانيدها، وأطال في سردها وأجاد وأفاد -رحمه الله تعالى- وجملتها تفيد أن المدينة حرم كمكة، وأن الله حرمها كما حرم مكة.
في النصوص ما يدل على أن المدينة ثاني الحرمين بعد تحريم مكة على يد إبراهيم -عليه والسلام- وسبق الحديث في تحريم مكة، وأنه منذ خلق الله السماوات والأرض، أو منذ زمن إبراهيم -عليه السلام- والخلاف في ذلك، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- حرم المدينة كما حرم إبراهيم مكة، فهي حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، ولا يجوز أن يعضد شجرها ولا ينفر صيدها كمكة.
والخلاف بين أهل العلم بعد استقرار التحريم على الفدية، هل يفدى ما قطع منها من شجر، أو ما قتل منها من صيد؟
من أهل العلم من يقول: إنه لا فدية في ذلك، بل فيه الإثم، وعلى فاعله التوبة والاستغفار، ومنهم من يقول: إن حكمها حكم مكة، تفدى الشجرة الكبيرة ببقرة، والصغيرة بشاة، والصيد يقدر على ما جاء نظيره في مكة، ومنهم من يقول -استدلالاً بحديث سعد، الآتي الذي ساقه المؤلف- أن من صنع شيئاً من ذلك يسلب، يسلب ما معه من مال ومركوب وثياب، ولا يترك إلا ما يستر سوءته.
ولا ثالث للحرمين، فبيت المقدس جاء في فضله النصوص الكثثيرة، وأن الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، لكنه ليس بحرم.
وأما ما يذكر على ألسنة الناس من أنه ثالث الحرمين: هو ثالث المسجدين قي الفضل، لكنه ليس بثالث للحرمين في الحرمة، وفضله ثابت لا يمارى فيه ولا يشك فيه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد الدراوردي- عن عمرو بن يحيى المازني عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم: عبد الله بن زيد بن عاصم: راوي حديث الوضوء، وليس عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي حديث الأذان، ومنهم من يجعلهما واحد، لكن الصواب أنهما اثنان.
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها)): يعني جاء التحريم على لسانه، والمحرم هو الله -جل وعلا-.